{ الجزء السابع والعشرون }

227 11 2
                                    

#من_مذكرات_ماريا

‏"يجب أن تكون مستعدًا للاحتراق بلهبك. كيف لك أن تغدو جديدًا، إن لم تتحوّل في البداية رمادًا؟"

@@@@@@@@@@@@

الجميع كانوا أمام غرفة العمليات ، منهم الجالس ومنهم الذي يتحرك ذهاباً وإياباً بتوتر ، والبعض الآخر يستندون على الجدران منتظرين على أحرٍ من الجمر خروج أحدهم يطمئنهم عليها

بعد عدة ساعات مرت عليهم كالجحيم انفتح الباب أخيراً لتظهر من خلفه الطبيبة مرتدية ملابسها الخضراء الخاصة بالعمليات

ركض الجميع إليها وأولهم مازن الذي كان يجلس بجانب الباب تماماً ليستقيم سريعاً ويتسائل بقلق بينما عينيه تتجول على وجه الطبيبة متفحص ملامحها :" كيف حالها ؟ هل هي بخير؟ "

زمت شفتيها بحزن لتنظر لوجوههم القلقة وتقول :" إنها بخير ، لكن للأسف لم نستطيع إنقاذ الطفلين ، لقد أتت لهنا مُخطرة وقد نزفت الكثير من الدماء على أثرهم فقدت الجنينين ، الحمدلله على سلامتها ، عن إذنكم " أنهت كلامها بمواساة ثم تحركت لتكمل عملها بينما تهاوى مازن على إحدى المقاعد مخبئاً وجهه بين كفيه باكياً بصمت على حالهم وشقيقته صبا جلست بجانبه تربت على كتفه بصمت محترمة حزنه

أخرجوها من غرفة العمليات ونقلوها لغرفة العناية المركزة لتبقى تحت المراقبة

كيف سينظر بعينيها ويخبرها إنهم قد فقدو طفليهم ، كيف سيستطيع كسر فرحتها قبل أن تكتمل ، كيف سينسى لمعة عينيها وهي تختار أسمائهم حتى قبل معرفتها لجنسهم ، والأهم كيف سيواجهها بقلبه الذي تحطم كحلمه ببناء عائلة معها

كل هذا حصل بسبب تلك العائلة الملعونة
رفع عينيه المحمرة غضباً وحزناً ليقف من على المقعد مزمجراً بغضب يريد تفريغ غضبه بأي أحد ولم يجد أمامه سوى سام الذي إنقض عليه ممسكاً إياه من ياقة ملابسه ، ضربه بمقدمة رأسه على أنفه لتنفجر الدماء من أنفه ، وسرعان ماتلاها بعدة لكمات وركلات وهو يصيح بحقد وكره

:" كله بسببك ، بسببك خسرتهم  هم الثلاثة ، بعد أن تعلم بفقدانها للطفلين لن تسامحني أبداً ، وستضع الحق علي كله بينما أنتم السبب أيها القذرون  ، أخرجوا من هنا قبل أن أخرجكم محملين على النعش "

اقترب منه عمر صديقه وبلال زوج شقيقته ليبعدون سام التي اختفت ملامح وجهه من كثرة الدماء ، لم يكن يستطيع الدفاع عن نفسه ، فقد أخذه مازن على حين غرة وقبل أن يستوعب أي شيء وجد الضربات تنهال عليه ، واكتفى بِصَد بعض الضربات الموجهة له من مازن

:" لن أخرج من هنا قبل أن أطمئن على شقيقتي " قالها سام وهو يقف بصعوبة بينما ريم تسانده ودموعها لم تتوقف لثانية على ماوصل إليه زوجها وصديقتها

نظر له مازن بوجهٍ إسوّدَ غضباً وبدأ يحاول الفكاك من قبضتي عمر وبلال الذي يقيدانه ويصرخ به محتداً :" أيها اللعين أي كلمة لم تفهمها من جملة إنقلعوا من هنا ، إتركوني لأريه كيف يكون الإطمئنان الحقيقي " قال جملته الأخيرة بعصبية لعمر وبلال الذيّن يحاولان عدم إفلاته

إنعزال مُظلم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن