{الجزء السابع عشر}

242 9 8
                                    

#من_مذكرات_ماريا

أعترف بأنني تغيرت ، أصبحتُ أكثر هدوءًا من ذي قبل ، أكثر لامبالاة ، أتجنب المُناقشات وكلمات اللَوم والعِتاب ، أشعر بالملل سريعًا ، أختصر في حديثي مع الجميع ، لا أتقبّل الدخول في علاقاتٍ جديدة ، أتريّثُ قبل إلقاء التحية على أحد ولا أملك صبرًا لتبادل رسائل كثيرة لا فائدة منها ، لا أُعبر عما أشعر به لأي شخص مهما كان قريبًا مني ومهما بدا الأمر ثقيلًا عليّ وحدي ، ومهما كنتُ حزينًا أو مُحطمًا ، أصبحت أكثر عقلانية ، أكثر وحدانية .. أُفكر كثيرًا قبل إتخاذ قرارٍ واحد وأنا من كنتُ أُجيد إتخاذ القرارات سريعًا ، تغيرتُ وأصبحتُ شخصًا يرفض الخسارة .

@@@@@@@@@@@@@

دلف مازن إلى غرفة الطعام ليجد الجميع يجلسون يتناولون الفطور ماعدا وائل

بمجرد ما إن رأته ليلى حتى هبت واقفة لتذهب إليه وتحضنه وهي تقول :" صباح الخير حبيبي ، تعال تناول الفطور" تجاهلها مازن كلياً ليقول لأخته :" أين وائل؟"

:" إنه مع ماريا ، منذ أن أتت إلى هنا لم يعد يفارقها وكأنه إبنها وليس إبني" قالتها بلا مبالة ليبتعد مازن عن ليلى متجهاً إلى المطبخ

وقف بباب المطبخ ينظر إلى ماريا التي كانت تأكل وتطعم وائل معها ويتشاركون الحديث مع السيدة زينب وهم يضحكون

:" لا لا هذا لم يحدث لم أخاف منه ألم ترى كيف ضربته بحذائي " قالتها ماريا وهي تزم شفتيها بعدم رضى على حديث وائل وزينب

:" أجل أجل بالطبع لم تخافي لكن عندما بدأ يطير قفزتي عشرة أمتار وبدأتي بالصراخ والناس ينظرون لكِ كأنكِ جننتي" أنهى وائل كلماته لينفجر بالضحك هو وزينب التي يراها مازن لأول مرة تضحك هكذا ، لطالما كانت تخبرهم ان الفرح بالتبسم وليس بالضحك

:" الحق ليس عليك بل عليّ عندما أخذتك معي إلى مدينة الألعاب ، لو لم نذهب لما كنت قد رأيت ذالك الصرصور المتوحش وهو يطير كأنه تنين مفترس" أنهت كلماتها وهي تربع يديها أمامها وتنظر للجانب الآخر بزعل حقيقي

قهقهة مكتومة خرجت من زينب ووائل الذي تغامزا ليقفز وائل من كرسيه ويتجه نحوها
جلس على قدميها ثم أمسك وجهها بيديه يديره نحوه لكنها لم تفعل بل بقيت تنظر للجانب الآخر

كان مازن يقف يراقبهم بهدوء وينظر إلى سعادتهم وضحكاتهم معاً

إلتمعت عينا وائل بالدموع فهي لأول مرة تزعل منه ولا تتكلم معه

:" ماري أرجوكِ لا تزعلي مني لقد كنت أمزح معكِ ، أرجوكي سامحيني" قالها ببكاء لتنتفض ماريا مكانها محتضنة إياه ، لم تكن تظن إنه حساس هكذا وسيبكي فوراً

:" لقد سامحتك إهدئ إهدئ لا أريد بكاء ، ألم نتفق على عدم البكاء مهما حدث " أومأ لها لتنزل دموعه وهو يقول :" أجل أعلم لكنني لا أريدكِ أن تزعلي مني أرجوكِ لا تحزني وتتجاهليني مثل أمي " أومأت له وهي تبتسم لتقول بهدوء ونبرة حب صادقة :" لن أكرهك حتى ولو كان آخر يوم بحياتي ، لكن لا أريد بكاء مجدداً هيا امسح دموعك "

إنعزال مُظلم حيث تعيش القصص. اكتشف الآن