الفصل الثالث والثلاثون

633 26 3
                                    




الفصل الثالث والثلاثون



:- آنسة أمان ... لقد أحضرت لك الشوكولاتة الساخنة ... لقد أعددتها لك بالطريقة التي تحبينها ...
فوق سريرها ... محيطة ركبتيها بذراعيها .. لم تتوقف أمان عن الارتعاش منذ تركها فراس في غرفة مكتبه مصدومة ... عندما دخلت عائشة إلى المكتب لتجدها منهارة بالبكاء .. ساعدتها على النهوض .. وعلى الصعود إلى غرفتها .. حيث ساعدتها على ارتداء منامة حريرية وردية اللون ... وردي .. لون آخر لم ترتديه أمان قط منذ طفولتها .. وها قد اتردته من جديد ... وبسبب فراس أيضا ..
كانت أمان قد توقفت عن البكاء منذ ساعات ... إلا أنها لم تتوقف عن الارتعاش وهي تحدق أمامها .. الأفكار تروح وتجيء داخل رأسها بازدحام وبدون رحمة ...
لقد كانت في حالة صدمة ... وقد عرفت للمرة الأولى معنى أن تكون بين ذراعي فراس .. معنى أن يقبلها .. فيدفعها دفعا لأن تحب قبلته .. لأن تستجيب لها .. لأن ترغب بالمزيد منها ..
وقد عرفت معنى أن ترتجف رغبة في لمسة رجل ... رجل كان لها لسنوات دون أن تعلم .. بينما حظيت به الأخريات ..
هل كان يقبل زوجته السابقة بهذه الطريقة .. هل كانت أصابعه تداعبها بتلك الرقة .. هل كان يقبلها وكأنها الشيء الوحيد الذي يهمه في الدنيا كما فعل معها ؟؟؟
الأهم .. والأكثر قسوة عليها .. هل أحست زوجته السابقة بكل هذه المشاعر الصاخبة التي أحستها أمان بين ذراعيه ؟؟
الألم كان قويا وصاخبا .. لقد كان غير محتمل على الإطلاق ... الغيرة ... إنها الغيرة .. ومجرد إدراكها أنها تغار عليه كان يمزقها إلى أشلاء
أن تغار عليه .. يعني أن تحبه ... أن تحبه .. يعني أن تسمح له أن يكون ضعفها .. أن يكون ضعفها .. يعني ألا تكون قادرة على قتاله في المرة القدمة التي يقرر فيها أن يلمسها فيها ..
وألا تقاومه ... يعني أن تخسر .. أكثر من مجرد قلبها .. أو كرامتها .. أو كبريائها ..
ألا تقاومه يعني أن تخسر كل شيء ..
لسنوات خلال عملها مع عصام كانت تتساءل وهي ترى الفتيات الخاطئات يبكين أخطائهن .. والزوجات اللاتي ظلمن كن يشكين ما تعرضن له من ظلم .. كان تشفق عليهن .. تتعاطف معهن .. تساعدهن .. إلا أنها أبدا لم تتمكن من فهمهن .. خاصة عندما كانت إحداهن ... كغادة مثلا .. الفتاة التي كانت عاطفيتها سببا لسقوطها .. تتحدث في انتشاء عن روعة أن تحس فتاة بحب وعاطفة رجل ...
كهديل مثلا ... وهي تحكي لها باقتضاب عن انتهاء زواجها بها موشكة على الموت على يدي زوجها المجنون ... أيضا بسبب رجل .. انتهى الأمر بها زوجة له ..
أن تستمع إلى امرأة تشكي بخل زوجها ... وقسوته .. وعنفه معها ... ثم عجزها عن تركه ... لأجل حبها له ..
أن ترى شكران حاملا بطفل غير شرعي .... ومستعدة لفعل أي شيء كي تصل إلى الرجل الذي انتهك عذريتها ثم رحل تاركا إياها حاملا بطفله ... باسم الحب والعاطفة
لم تفهم قط ... حتى الآن ... معنى أن تنتهي ممالك .. وتبدأ أخرى ... بسبب الحب ..
أهكذا أحست هيلين عندما رحلت تاركة زوجها برفقة باريس ... فكانت نتيجة عشقها المحرم هذا انتهاء طروادة عن بكرة أبيها ؟؟؟
معرفة أمان أنها ما زالت تحب فراس رغم كل شيء ... رغم ما فعله معها في الماضي .. رغم ما يفعله بها الآن .. هي ما تزال تحبه ... حتى وهو رجل آخر ...رجل أكثر صلابة .. أكثر قسوة .. أكثر تباعدا .. كانت في كل مرة ترى لمحة فيها عن الرجل الذي أحبته مرة .. تقع في حبه من جديد ..
أي ضعيفة خانعة هي ... أي معدومة إرادة هي ... كيف تراها تستطيع البقاء تحت ظله أكثر ... كيف تراها تقضي ما تبقى من منفاها إلى جانبه .. يجب أن ترحل .. يجب ..
:- آنسة أمان ..
رفعت رأسها نحو عائشة القلقة ... فمنحتها ابتسامة مرتجفة وهي تتناول منها القدح الساخن قائلة :- شكرا لك يا عائشة ..
قربت القدح من فمها ... وأحتست شفة صغيرة من الشراب اللذيذ .. للمرة الاولى لم تتمكن الشوكولا من بث تأثيرها السحري المهديء فيها .. حتى الشوكولا أفسدها عليها ..
قالت عائشة بهدوء :- أنت لست مضطرة للبقاء تحت رحمته يا آنسة أمان ..
أجفلت أمان وهي تنظر إلى عائشة التي بدا فمها قاسيا وهي تقول :- رغم كل شيء .. لا يحق للسيد فراس معاملتك بهذه الطريقة .. هو يستنزفك شيئا فشيئا .. ربما أنت زوجته .. إلا أنك ما زلت امرأة حرة .. حرة تماما ..
نظرت إليها أمان للحظات دون تعبير .. ثم سألتها بهدوء :- ما الذي تقصدينه يا عائشة ..
قالت عائشة بحزم :- أقصد أن كل ما تحتاجين إليه ... هو طلب مساعدتي .. وأنا سأخرجك من هنا مهما كلفني هذا ..



رسائل من سراب الجزء السادس من سلسلة للعشق فصول لكاتبة بلومىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن