الفصل التاسع والثلاثون

595 22 1
                                    




الفصل التاسع والثلاثون



باريس ..
قبل خمس سنوات ..

لم تعرف أمان كم من الوقت مر عليها وهي تسير بين شوارع باريس ... ضائعة .. مضطربة .. ذاهلة .. غير مصدقة وهي تستعيد فحوى الرسالة التي وصلت هاتف فراس بينما كنت تحمله بين يديها ..
هي أبدا ما كنت لتنتهك خصوصيات فراس فتفتح رسائل خاصة من هاتفه ... هي أبدا ما كانت لتفتح تلك الرسالة لو لم تلتقط عيناها اسم المرسل ...
عصام غالي ..... والدها .....
لماذا قد يراسل والدها فراس ؟؟؟ على الفور بدأ عقلها بطرح الإجابات المنطقية .. هو صديقه .. هو شريكه .. إلا أنها لم تستطع منع نفسها من أن تفتح الرسالة مدفوعة بالحاجة الملحة والخائفة لأن تعرف محتواها
( فراس .... لم أسمع منك حتى الآن .. هل تم كل شيء ؟؟ هل أمان بخير ؟؟ )
( هل تم كل شيء ؟ )
( هل تم كل شيء ؟ )
ما الذي عناه سؤاله هذا ؟؟؟ ما الذي عناه بكل شيء ؟؟؟
( هل أمان بخير ؟ ) .....
لماذا يسأله عنها .... لماذا يسأل والدها فراس عنها ؟؟؟ كيف له أن يعرف ؟؟ كيف له أن ....
توقف عقل أمان عن العمل فوق أن قفزت الإجابة أمام عينيها مرة واحدة .... لطالما عرف ... والدها كان يعرف منذ البداية بزواجها بفراس .. لأن فراس هو من أخبره .. لم تفكر قبل أن تلتقط معطفها ووتخرج من الشقة دون ان ترى أمامها ..
لساعات ظلت تمشي في الشوارع ... لا شيء من حولها مما كان يفتنها في باريس يترك أي أثر فيها .. وعقلها يضج بالأفكار .. بالشكوك .. بالاحتمالات ..
فراس أخبر والدها ... فراس ذهب إلى أبيها وأخبره عن زواجهما .. كانت قد فتحت بسرعة باقي الرسائل السابقة التي تبادلها الرجلان .. رسائل كثير تعود تواريخها إلى أسابيع ..
( فراس ... لقد وصلت قبل ساعات .. أريك أن أراك ... سآتي إلى مكتبك خلال ساعات )
( غالي ... اتصل بي )
( فراس ... سأسافر غدا .. يجب أن أتحدث إليك قبل أن أسافر )
( الأمور جيدة ... ما من داعي لكل قلقك يا غالي )
رسائلهما تدل على العلاقة الوثيقة بينهما .. لقد كانا يتواصلان طوال الفترة التي عرفت فيها فراس .. هل كان فراس يعرف طوال تلك الأسابيع من تكون ؟؟ أم أنها مجرد صدفة .؟؟
رباه ... فلتكن صدفة ... فلتكن صدفة ..
تذكرت أمان إصرار فراس عندما أخبرها برغبته في الزواج منها على رؤية أبيها وطلب يدها منه ... تذكرت توتره وتشنجه وهو يؤكد على أن والدها لن يرفضه .. هل ذهب إليه من وراء ظهرها ؟؟
هل أنبه ضميره فلم يستطع الارتباط بها سرا كأي رجل خسيس وأصر على أن يخبر والدها بالأمر ؟؟
السؤال التالي والمهم ... إن كان هذا ما حدث ... كيف عرف من تكون ... كيف عرف بأنها ابنة عصام غالي .. أم أنه كان يعرف منذ البداية ؟؟
رباه ... ماذا أفعل ؟؟ ماذا علي أن أفعل ؟؟
لم تدرك أمان وهي تسير بأنها كانت تتجه دون أن تفكر إلى منزل والديها ... تذكرت وهي تقف أمام المبنى حيث شقة والديها الواسعة ... نظرات والدها إليها أثناءعشاء البارحة .. بينما كانت والدتها تثرثر بطبيعية .. تتحدث عن أصدقائها وآخر رحلات تسوقها .. كان والدها يبدو واجما .. أنظاره كانت تتجه نحوها بين الحين و الآخر .. بدون أن يقول أي شيء .. كانت أمان تذكر ذلك الألق الغريب في عينيه .. ألق حزن .. حنان .. لم تعرف .. إلا أنها وهي تخطط للهرب مع طلوع الفجر آنذاك .. وجدت نظراته مؤثرة .. وقاسية .. مما اضطرها لتذكير نفسها بكل الأسباب التي تدفعها لفعل ما تخطط لفعله ...
لقد كان يعرف ... ومنذ البداية ... لقد كان يعرف ... وإن كانت عاجزة الآن عن الوصول إلى فراس ومواجهته ... إلا أن والدها متاح ... وهي تستطيع الآن الصعود إليه ... ومواجهته مطالبة منه معرفة الحقيقة ..
قبل أن تفكر بالأمر ... وجدت نفسها تدخل المبنى ... وتستقل المصعد إلى الطابق المنشود .. متوترة .. مضطربة .. تشعر بمعدتها تنقبض خوفا من المواجهة المنتظرة ... خرجت من المصعد عندما توقف عند الطابق المنشود ... بمفتاحها .. وبيد مرتجفة .. دست المفتاح في القفل .. وفتحت الباب .. ليكون أول ما سمعته فور دخولها صوت نباح كلب مألوف ..
لقد كان زيوس ...

رسائل من سراب الجزء السادس من سلسلة للعشق فصول لكاتبة بلومىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن