«8»

663 29 2
                                    

-عارف إنك مستنية تفسير بس أنا مش قادر اتكلم حقيقي
وضعت يدها على وجنته وهزت رأسها وهي تبتسم مطمئنةً إياه تكفيها نبرته المختنقة تلك التي تقسم أنها تكاد تقتلها لتعرف مدى سوء الوضع، قال بصوت متحشرج:
-ممكن طلب
أومأت وقالت:
-أكيد
-احضنيني
بضعة أيام على ذاك اليوم المشؤوم ولازال يقضي نهاره شاردًا وليله قائمًا متضرعًا بين يدي الله تستمع لصوت بكائه وتوسله إلى الله لكنها لم تحاول أن تذهب إليه لأنها تعلم أنه سيطمئنها ويتصنع النوم لأجل أن تنام هي الأخرى ولا يرهقها معه، أيجهل أنها تحبه أيضًا أم لأنها لم تقُلها صريحةً حتى الأن؟
حاوطت خصره بيديها فوضع رأسه على صدرها وضمها إليه برفق فلا زال جسداهما يؤلمانهما أثر يوم القبض على "ذئب" رفعت إحدى يديها ووضعتها على وجنته وطبعت قبلة على شعره وأردفت:
-مش هتاكل
هز رأسه نافيًا وأردف:
-مليش نفس كلي أنتِ
جلست جواره وعقدت يديها وقالت:
-وأنا مليش نفس لحد ما يبقى لك نفس
نظر لها وقال راجيًا:
-بالله ما تتعبيني أنا مش ناقص، كلي بدل ما تتعبي لسه في جروح في جسمك ملتأمتش
نظرتُ له وقالت ساخرةً:
-يعني اللي في جسمك دا كاتشب ما هي جروح بردو
أمسكت يده وقالت برجاء:
-هأكلك أنا
هز رأسه بذات النفي فقالت:
-طب كل معلقة ببوسة
قال مستنكرًا:
-أنتِ رايحة جاية تبوسي فيا
وقفت واضعةً يدها بخصرها وقالت:
-سامعة اعتراض ليكون مش عاجبك
قال سريعًا:
-لا طبعًا يا حبيبي مش قصدي
-امال قصدك إيه
نظر لها فوجدها تضيق عينها وتنظر له فتلعثم أكثر من ذي قبل هزت رأسها بمعني أكمل لكن هيهات فهو ليس بهين نظر لها بخبث، وأردف:
-قصدي إني مش هسيبك تبوسيني تاني غير لما أسمعها
غضنت حاجبيها واصطنعت الغباء قائلةً:
-هي إيه
-كلمة قلتها لك في المستشفى
لاح شبح ابتسامة على شفتيها سرعان ما أخفتها وقالت بارتباك:
-أنا هروح أصلي الضحى، أنتَ صليت
أومأ لها برأسه فنظرت له وهو يبتعد عنها يعلم أنها تكذب رآها تصلي منذ قليل أمسكت يده وقالت:
-هجيب لك تاكل ماشي
قال بنبرة تشوبها بعض السخرية:
-صلي الأول
-أنا صليت، بالله يا فهد عشاني
هز رأسه دلالةً منه على الموافقة فركضت بسعادة إلى المطبخ حتى تحضر فطوره بينما تابعها حتى اختفت عن وقع أنظاره
__________

دلفت لغرفة المعيشة حيث يجلسان عيناها كانتا متورمتين من كثرة البكاء حالتها يرثى لها حقًا لكن بالنهاية هي مخطئة، نظر لها بطرف عينه وقال:
-مش ناوية تكلمي ابنك
-مش بيرد عليا ومش عايز يشوفني
نظر لهم "علي" بعيون زائغة فتفكيره الفترة الأخيرة مشوش للغاية حتى أنه لا يستطيع أن يذاكر أو يفهم أي شيء، أردف بهدوء:
-أنا مش فاهم حاجة يعني هو أخويا؟ طب أنا ليه معرفش عنه حاجة؟
أومأت برأسها شاردةً وسكنت قليلًا ثم انتفضت كمن لدغتها حية واتجهت إليه سريعًا، وهي تقول:
-علي حبيبي جرب تروح له وتتكلم معاه ممكن يسمعك
قال بصدمة:
-أنا! وافرضي مش بيحبني أو مش عايز يشوفني
-حاول مش هتخسر حاجة
نظر لوالده وكأنه ينتظر سماع رأيه فأومأ له ليعود بنظره لوالدته فما كان بيده غير أن يوافق وهو يرى نظرة الرجاء بعينها أما عنها فتهللت أساريرها وأخذت تحثه على الذهاب فور موافقته
__________

خطايا الظل✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن