مر عام تغير فيه الكثير تم اعتقال "جميلة" بعدما أثبتت الشرطة أنها من قدمت البلاغ الكاذب وزورت المستندات ضد "آية" وأنها من تعاهدت مع الممرضة لقتل زوجها "إيهاب" لكن سُرعان ما تم نقلها إلى مشفى الأمراض النفسية بعدما أثبت الأطباء أنها مريضة وليست مُجرمة.
عاد "فهد" إلى عمله بعدما انتهت الإجازة التي فُرضت عليه من قِبل اللواء "مراد" تحسن كثيرًا بسبب وجودها بجانبه وبسبب الجو المرح الذي وفرته له عائلته الآن يعيشان (فهد، آية) حياة مليئة بالحب لم يبالي "فهد" كثيرًا لأمر والدته أو تصنع هذا فجرح قلبه لم يلتئم بعد
أما عن "علي" فكانت حالته يرثى لها بعدما علم ما فعلته والدته وتم احتجازها بالمستشفى كان يقضي معظم النهار يلاعب "ضحى" ويذهب لزيارة والده الذي دخل في غيبوبة وباقي يومه يقضيه نائمًا أثر حبوب المنوم التي يتعاطاها الجميع يحاول التخفيف عنه لكن ما من فائدة فهو عنيد تمامًا مثل "فهد" إضافةً إلى هذا فقد أصبح عصبيًا وصبيانيًا في تصرفاته
وأما "سلمى" فكانت حالتها تُدمي القلب بعدما توفي والدها أصبحت تخشى على "فهد" كثيرًا تخشى أن يصيبه مكروه فهي كانت بلا أم وصارت بلا أب ولن تجازف للحظة بخسارته حتى تصبح وحيدة بلا عائلة هي وأختها الصغيرة كانت تذهب كل صباح بصحبة "علي" لزيارة قبر والدها
وأخيرًا وليس أخرًا هذا الجبل الذي يحمل على عاتقه الكثير إنها "آية" التي تواسي الجميع وهي من تحتاج لمواساة تظهر القوة أمامهم حتى يستمدوها منها وضعفها لا يظهر سوى مع "فهد" فقط.
بعدما أثبتت براءتها أمام الجميع استقالت وفضلت البقاء بالمنزل حيث أنها رأت أنهم بحاجتها في المنزل أكثر من عملها، أحزنها قليلًا أن تُسجن زوجة أبيها ووالدة شقيقها الوحيد وكذلك زوجها، هي لن تنسى أبدًا تلك النظرة الساخطة بعيني "فهد" لوالدته لكن والدها عاهد نفسه على الثأر لإبنته ومحاسبة المُخطئ، بمناسبة والدها حتى الآن تأبى أن تذهب لزيارته تخشى أن تنهار عندما تراه ويستيقظ فيراها على هذا الوضع..
كان يقف شاردًا عائدًا بذكرياته للماضي قبل عامٍ من هذا اليوم عندما كان يجالس والده
-أنا كتبت كل حاجة باسمك
امتعض وجهه وقال برفض:
-بس أنا..
قاطعه والده قائلًا بنبرة صارمة لا تقبل النقاش:
-اسمعني للأخر مش عايز مقاطعة كل الشغل اللي كان برا مصر أنا صفيته وبعت الفيلا والفلوس حطيتهم في البنك حساب لسلمى والتاني لضحى الشركة اللي في القاهرة كتبتها باسمك لما أموت أنتَ اللي هتديرها مش حد غيرك يا فهد
هز رأسه بعدم فهم وقال:
-وشغلي!
-اسمع..
هذه المرة قاطعه "فهد" بهدوء ورفض موضحًا وجهة نظره قائلًا:
-أنا شغلي مش هسيبه ولو عليك فأنا مش عايز من حضرتك غير إنك تسبني في حالي مش أكتر
ارتعشت نبرة والده وهو يقول:
-أنا عندي cancer وفي مرحلة متأخرة مش بقول كده عشان أكسب تعاطفك أنا بس مش عايزك تفرط في اخواتك ولا في حقك ولا حقهم
رمقه بنظر لم يقهم كنهها وقال:
-حقي إني كنت أكبر في حضنك أنتَ مش في الملجأ ومع أب غيرك
أمسك والده يده وشدد عليها قائلًا:
-أنا مش دايم لك وهسيب الدنيا قريب فسامحني هنا لأني مش هقدر استنى لما نتقابل عند ربنا مش هستحمل الحمل تقيل أوي صدقني
أغمض عينيه وقال:
-هحاول صدقني
لم يتمالك نفسه أكثر وانخرط في بكاء مرير فهذه المرة الثالثة التي يصاب فيها باليُتم كُتب عليه أن يعيش هذه اللحظة لثلاث مرات
دلفت للغرفة بخطى بطيئة وأخذت تقترب وهي تضع يسراها في ظهرها ويمناها على معدتها وصلت له أخيرًا بعد عناء، صارت بطيئة جدًا كسلحفاة منذ حملها هتفت وهي تضع يدها على كتفه:
-مالك يا حبيبي في إيه
نظر لها وابتسم مطمئنًا إياها وهو يهز رأسه بنفي فقالت بعد تردد:
-عايزة اشوف بابا
-حاضر
-اروح البس
أومأ لها برأسه فعادت تسير كسلحفاة من جديد لم يستطع كبت ضحكته عليها ولم يعد يدري بما يصفها أسلحفاة؟ فقد صارت بطيئة جدًا، أم دب؟ فقد أصبحت سمينة أيضًا أم كوالا؟ تلك الكسولة التي تقضي يومها كله ما بين النوم والأكل التفتت إليه بغضب وقالت تنهره:
-والله! ما تبطل ضحك يا مُحترم وتيجي تساعدني هو فيه إيه خلي عندك ذوق
ثم وضعت يدها على معدتها وتابعت:
-شايف يا يزن بابا بيعمل فيا إيه مبقاش يحبني
-أنا معنديش ذوق
قالها باستنكار يحاول التأكد مما سمعه فأكدته له بقولها:
-ومبقتش تحبني
-وهبطل أحبك ليه مثلًا
تساءل فقالت وهي تذم شفتيها وهي تنظر لشكلها في المرآة:
-عشان تخنت وبقى شكلي وحش
استدارت لتذهب لكنه حملها واتجه نحو الأريكة وجلس عليه واجلسها على قدمه وحاوط خصرها بيسراه وأخذت يُمناه تلاعب وجنتها وهو يقول:
-مبدأيًا كده أنا هفضل أحبك لحد ما أموت هنكبر سوا وشعرنا يبقى أبيض وسننا تقع ومنقدرش نمشي احنا الاتنين، مش معنى إن شكلك اتغير تبقي وحشة بالعكس هتفضلي جميلة في نظري أنا محبتش شكلك يا ضي عيوني عشان أبطل أحبك لما يتغير أنا حبيت آية أم لسانين القمر بتاعي أنا لوحدي
ابتسمت وقبّلت وجنته ثم حاولت النهوض فساعدها وهو يحاول قدر الإمكان عدم الضحك أسندها لغرفة تبديل الملابس وأخذ يعبث فيهم بضيق فقالت:
-في إيه؟
زفر بضيق وقال:
-ضيقين
ضحكت وهي تقول:
-حبيبي الغيور
ابتسم وهو يقول:
-وإن مغرتش عليك يا جميل أغير على مين؟
دخلت "ضحى" الغرفة دون طرق الباب فاستغفر ربه سرًا قبل أن يقتلها نظرت لهما وقالت:
-جاسم عايزك هتطلع له ولا أقول له فهد مش فاضي
رمقها بضيق وهو يعطي ثوبًا لزوجه وذهب لأخته قائلًا:
-لا جاي يا أختي وابقي خبطي صوابعك مش هتتكسر
__________

أنت تقرأ
خطايا الظل✓
Randomعندما يكون هذا عشقك الأول، وفجأة تكتشف أن من تعشقه حد الجنون هو ذاته زعيم الشر، إبليس الظلام، زعيم مافيا الظل، كيف سيكون حالك؟ وما رد فعلك يا تُرى؟ وماذا إن عاد الماضي لمُلاحقتك من جديد؟ ماذا لو عادت ذكرياتك الأليمة، لتكون نصل حاد يشق قلبك لنصفين، و...