"بداخلي ضوضاء تقلق راحتي وتستولي على سكينتي، لستُ أدري من أين لي السلام من جديد؛ ورأسي يَعُمُّ بالفوضى"
استلقت على الفراش لتنام في محاولةٍ يائسةٍ منها لإسكات عقلها وإخماد أفكارها، تصنعت النوم عندما أحست به يقترب فجلس جوارها ومسد على شعرها مناديًا عليها بهدوء مرتان ولم تُجِب وفي الثالثة قال:
-على فكرة يا حبي عارف إنك صاحية
لوت شفتيها وجلست على الفراش ونظرت بعيدًا عنه فضحك رغمًا عنه وقال:
-متجوز طفلة والله
رمقته بحدة بطرف عينها، لم تُرِد الحديث تعلم جيدًا أنه لاحظ شرودها ويعلم ما يدور بخلدها رفع يده وأمسك ذقنها مديرًا وجهها إليه قائلًا:
-هتتكلمي لوحدك ولا أطلع الكلام بمعرفتي
نظرت قليلًا في عيونه الزرقاء ثم حمحمت وهي تدفع برفق وجهه بعيدًا ليبعد عينيه وقالت:
-ابعد بس عيونك الحلوة دي عشان بضعف
ضحك وقال:
-لو كده هجيب يزن وأبرار بالمرة
سخرت منه قائلةً:
-نينيني أصلًا عينهم حلوة زيي نفس لون عينك مش أكتر وبعدين أنا من حقي أفهم مندل قال في القانون الوراثي إن الصفة السائدة هي اللي الأبناء بياخدوها والصفة السائدة هي لون عيوني معلش يعني ليه واخدين لون عينك، أنا أعترض.
أردف ضاحكًا لإغاظتها أكثر:
-عشان نفرسك
قرصته في يده بغيظ وقالت:
-أنتَ رخم ليه بجد!
مسد يده وقال:
-بمناسبة إني رخم، مالك؟
كل ذلك الوقت كانت تحاول تشتيته عنها لكنها لمْ تنجح كان يجاريها في الحديث ليس إلا لذا حمحمت وتساءلت بغباء اصطنعته:
-مالي؟
وضع كفه على خده مستندًا بكوعه على قدمه واصطنع ذات الغباء وهمهم قائلًا:
-ده اللي حابب أسمعه
إن كانت تريد اللعب إذًا لنلعب، ليس غبيًا ليتم خداعه وإن كانت ماكرة فهذه حرفته وإن اتسمت بالذكاء والدهاء فقد وِلد بهما.
عضّت على شفتها بغيظ هي تنظر له ثم قالت:
-ما أنتَ عارف بتسأل ليه
-حابب أسمعك
كادت تتحدث فأشار لها أن تصمت ثم فتح ذراعيه لها فضحكت بخفة وارتمت بحضنه مسّد على شعرها هبوطًا بظهرها فبدأت الكلام وكأن هذه إشارته:
-فهد، هو أنا وحشة؟ يعني ليه طول الفترة اللي فاتت ماما مسألتش عليا مفكرتش حتى تيجي تشوفني أنا موحشتهاش مصعبتش عليها طيب هي وحشتني أوي في حاجات كتير عايزة احكيها لها عندي كلام كتير محتاجة أقوله ليها، بس هي فين؟ ببساطة مش موجودة، مكنتش استحق تسأل عني؟ هو أنا مستاهلش يبقى لي أم تحبني ومحسش إني ناقصة شيء في وسط اللي حواليا؟ كل ما كنت بشوف حد مع أمه كنت بزعل على نفسي أوي كل ما كنت بشوف معاملة جميلة لعلي كنت بحس بنار جوايا اللي هو ليه أمي مش معايا؟ ليه متعاملنيش كده!
محت دموعها وتابعت:
-تعرف بابا كمان وحشني أوي
قالت جملتها تلك واجهشت في بكاء مرير رفع وجهه له وطبع قبلة على جبينها وهو لايزال يمسد على ظهرها، محى دموعها المعلقة بأهدابها وقال:
-كفاية عياط عشان خاطري دموعك بتوجعني كل دمعة بتنزل على قلبي تحرقه
شهقت وهي تنظر بعينيه محاوِلةً التوقف فأعاد مسح دموعها مقبلًا جبينها ثم أعاد عناقها قائلًا:
-دموعك غالية أوي أوي يا آية أغلى مما ممكن تتصوري اللي أنتِ عايزاه هعمله لكن عياط لا بالله
أومأت بحضنه ثم مَخَّطت بثيابه فأبعد رأسها عن صدره وقال بتقزز:
-بتعملي إيه الله يقرفك
مسحت يدها في ثيابه وقالت:
-بنف
توسعت عيناه بصدمة وقال بغضب:
-في هدومي!
-وإيه يعني ما أنتَ لسه قايل هتعمل أي حاجة عشاني
تجمعت الدموع بعينيها من جديد وقبل أن تعاود البكاء مد لها كنزته مجددًا متمتمًا بغيظ:
-خدي دي ناشفة
نظرت له قليلًا ثم انفجرت ضحكًا فلم يتمالك نفسه وضحك هو الآخر، عانقته من جديد وطبعت قبلة على وجنته وهمست:
-بحبك
-ست قلبي والمناطق المحيطة
___________

أنت تقرأ
خطايا الظل✓
Casualeعندما يكون هذا عشقك الأول، وفجأة تكتشف أن من تعشقه حد الجنون هو ذاته زعيم الشر، إبليس الظلام، زعيم مافيا الظل، كيف سيكون حالك؟ وما رد فعلك يا تُرى؟ وماذا إن عاد الماضي لمُلاحقتك من جديد؟ ماذا لو عادت ذكرياتك الأليمة، لتكون نصل حاد يشق قلبك لنصفين، و...