مرت بضعة أيام وتحسنت صحة "علي" كثيرًا وعاد للمنزل تاركًا المشفى المليئة بالأوبئة أخيرًا انتهى كل الحزن وعادت حياته لسلامها كسابق عهدها.
كذلك عادت "زينة" لمنزلها مع طفلها والذي تسبب بشجار بين والديه على اسمه حتى اتفقا أخيرًا أن يسميانه "خالد" على اسم عمه تيمنًا بأن يكون عاقلًا مثله لا طائشًا كأبيه.
توترت العلاقة بين "حمزة" ووالديه كثيرًا، لِمَ يصبان كامل اهتمامهما على أخته التي لم يتعدى حمل أمه بها أربعة أشهر! إذًا عندما تولد ماذا سيحدث به إذا كانا الآن لا يلحظان وجوده وغيابه صار يمقت أخته هذه حتى قبل أن يرَها حتى!
أما عن الباقين فلا يوجد جديد في حياتهم، اليوم الجمعة والدور على "فهد" ليجتمعوا عنده، حَلَّ المساء وهم يتسامرون، عاد "جاسم" لمنزله لينام مبكرًا حيث أن لديه عمل غدًا، وكذلك "عمرو" بينما "هشام" فلم يأتِ من الأساس بل ظل جوار زوجته وابنه وتلك المتمردة "حور" فضلت البقاء معهم بالأعلى واللعب مع الصغار على أن تبقى جوار والديها وأخيها الصغير.
أثناء الحديث قالت "ضحى" بتردد هي لم ترغب بالسؤال ولم يكن ببالها لكنهم أجبروها:
-فهد ممكن اسألك سؤال بس بالله ما تزعل
أومأ له وقال بابتسامة:
-قولي يا حبيبتي
حمحمت وقالت بارتباك:
-هو بابا وطنط جميلة سابوك ليه؟
نظر لها قليلًا وعُقد لسانه من الصدمة أليس مبكرًا قليلًا على سؤالها هذا كان يتوقع أن تسأله في وقتٍ لاحق ربما بعد أربعة أعوام مثلًا، نظر للداخل ليتأكد من أن أمه ليست موجودة، حمحم وقال:
-ليه بتسألي يا حبيبتي
فركت يديها ببعضها بتوتر وقالت وهي تنظر له:
-فضول
أومأ متنهدًا وبدأ يقص عليها قائلًا:
-هو كان بيحب والدتك وهي كانت بتحبه بس بحُكم إننا صعايده، حسين كان مُصر يجوزه بنت أخوه اللي هي أمي وقتها أمي كانت بتحب حد تاني
قالت "ضحى" وهي تنظر له بعيون لامعة في انتظار المزيد يبدو أن القصة شيقة بالنسبة لها:
-أبو آية وعلي
أومأ لها وتابع:
-بعد ضغط من أهلهم اتجوزوا بالغصب حاولوا يتأقلموا ويرضوا بالواقع وبالفعل بدأوا من جديد من غير مشاكل خلفوني والحياة كانت تمام لكن القدر كان ليه رأي تاني حب يقلب الطربيزة
ابتلع غصته وقال ساخرًا:
-ولما قلبها وقعت عليا دمرتني بدأت المشاكل مع ظهور والد آية من جديد كان ليه شغل مع بابا ومحدش منهم كان يعرف التاني لحد ما اتقابلوا هم التلاتة وبابا عرف من أمي إن هو ده اللي كانت بتحبه وقتها كان عندي 7 سنين من ساعة الموقف ده والعلاقة بدأت تتوتر بينهم أكتر ما هي متوترة في نفس الوقت ظهرت والدتك تاني كانت محتاجة مساعدة من بابا وقتها الخناق كتر بشكل مبالغ فيه
ضحك بسخرية وقال:
-واللي هم مش عارفينه إن عمري ما كنت نايم وقت خناقهم بالليل، المهم والدتك كانت على تواصل دائم مع بابا وأمي مستحملتش أكتر و..
قاطعته "سلمى" بتهكم قائلةً:
-قصدك إيه يا فهد يعني أمي..
فقاطعها وهو يقول بعصبية:
-أنا مش قصدي حاجة يا سلمى
اشاحت بنظرها عنه بضيق فصك على أسنانه بقوة قبل أن يتابع:
-طلبت الطلاق أكتر من مرة وهو حاول يشرح لها إن مفيش بينهم حاجة حتى والدتك كلّمتها وحاولت تشرح لها لكن أمي رفضت تسمعها وقفلت في وشها تقريبًا ما صدقت لقت الحِجة اللي هتخليها تطلق رجعت وقتها الصعيد وحكت لجدي
تبدلت ملامحه من الحزن إلى السخرية وتابع:
-حصلت مشكلة كبيرة في العيلة اللي فرحانين بيها بين جدي أبو أبويا وجدي أبو أمي وطلعت أمي المظلومة اللي معملتش حاجة وأبويا الخاين
قاطعه "علي" الذي قال باستفهام وهو يثقبه بنظراته:
-ثواني بس أنتَ قصدك إن أمي وأبويا الـ..
صاح به "فهد" بغضب مقاطعًا إياه:
-قلت مرة إن مش قصدي حاجة ومش كل ما هتكلم حد هيقاطعني أنا مأجبرتش حد يسمع ولا أنا اللي قلت لضحى تسألني اللي مش عايز يسمع يتفضل يمشي ومكنش المفروض يسأل من البداية
ربتت "ضحى" على كتفه بحنان وقالت:
-كمل
أغمض عينيه وتنهد وهو يقبض على كفيه ويصك على أسنانه بقوة كاتمًا مشاعره المتخبطة فتح عينيه مع بداية حديثه متابعًا:
-وقتها كنت في هنا القاهرة مع بابا عشان شغله وحياتنا كانت كلها هنا جدي كلمه وحصلت المشكلة وجدي غضب عليه وطرده اتطلقوا و..
كافح لألا تسقط دموعه وحاول قدر الإمكان احتجازها، لقد إنتهى كل هذا وتصالحا لمَ عاد ألم قلبه إليه! تابع بنبرة مرتعشة:
-وداست على فهد ومشيت وقالت مش عيزاه مكنتش مصدق ولا مقتنع لحد ما سمعتها منها
تنهد للمرة التي لا يعلم عددها وتابع بذات النبرة المرتجفة:
-ومن وقتها وأنا كمان مش عايزها رجعت لحبها الأول اللي كان وقتها متجوز ومعاه آية بس كان لسه بيحب جميلة
نظر لزوجه التي كانت على وشك الانهيار مما تسمعه لقد قصّ عليها كل هذا مسبقًا لكنها لا تفهم كيف له أن يحمل كل هذا بصدره ولا يتكلم كانت تعض على شفتها بألم فتابع بسخرية ممزوجة بألم وعيناه تنطق بأسفٍ شديد لزوجه:
-بس أمي إزاي تبقى زوجة تانية فضلت تعمل مشاكل لحد ما بوظت الدنيا بين والدك والدتك، والدتك سابتك غصب عنها مش بمزاجها زي ما أنتِ فاكرة أو زي ما زرعت جواكِ
كانت تتابع كل حركة تصدر منه، ابتلع غصته فتحركت تفاحة آدم بعنقه تابع حديثه من حيث وقف:
-والدك زعل عليها وكان عايزها ترجع بس هي رفضت كانت فاكرة إنها بتحميكِ معرفش إذا كان والدك حبها أو لا بس اوعي تفتكري في يوم إنه شخص مش كويس أو إنه سبب في أي حاجة حصلت
لم تستطع التحمل أكثر من ذلك وصرخت وقلبها يعتصر ألمًا يبدو أنهما الخاسران الوحيدان:
-امال مين السبب لو هو محبهاش مكنتش رجعت له مكنتش هعيش حياتي مع مرات أب بتكرهني وبتستغل كل فرصة ضدي لمجرد إنها بتكره أمي وأنتَ كنت هتعيش حياتك وسطهم مش هتترمى في ملجأ ولا تتربى وسط اتنين غيرهم
قال بهدوء عكس عاصفة الألم التي اشتعلت بصدره:
-لو محبهاش وهي حبته زي أبويا ما حب والدة سلمى وضحى مكنش هيبقى فيه سلمى وضحى ولا كان هيبقى فيه علي ومكنش ورق القضية المزيف اتحرق فبالتالي مكناش هنتقابل يعني مكنش هيبقى في يزن وأبرار بحيث إن آية وفهد أساسًا متقابلوش
هزت رأسها بنفي وهي تقول من بين بكائها:
-مين قال كده، ده قدرنا وكده كده كنا هنتقابل وهنحب بعض وهنتجوز غصب عن أي حد وأي حاجة عشان ربنا مقدر لنا كده الظروف والواقع بيتغيروا لكن الأقدار لا
وافقها الرأي متابعًا:
-وده اللي محتاجك تفهميه يعني حطي نفسك مكانهم
اتجهت لتجلس جواره وأمالت رأسها على كتفه قائلةً:
-مش هسيب ابني يا فهد مش هتخلى عنه
أحاط بخصرها وضمها إليه فهو يعلم أشد العلم أنهما الأكثر تضررًا من بين الجميع، فجأة قفز عليه "يزن" وهو يسأل بذهول:
-يعني جدك السبب في كل ده
أومأ له وهو يجاهد أن تكون ملامحه طبيعية حتى لا يتأثر إبنه بهذا فتابع "يزن" بفضول:
-طيب أنتَ مروحتش الصعيد من امتى
-من يومها لأن محدش فيهم حبني
توسعت عينا الصغير بصدمة وقال:
-ازاي وهو سابك يا بابا
داعب خصلاته البنية بيده وهو يقول:
-جدك كان عنده Cancer سابني عشان كان فاكر إنه هيموت وساعتها كنت هبقى لوحدي وهو عارف إني كنت ولا زلت بحبه ومتعلق بيه فكان عايز يكرهني فيه عشان متأثرش بموته بس اتعافى بعد ضغط كبير من ضحى إنه يتعالج
قطب "يزن" حاجبيه بعدم فهم قال بغباء:
-هي ضحى كانت هناك وأنتَ صغير
ضحك "فهد" وقال وهو يقرص وجنة ابنه:
-ضحى مرات أبويا يا ناصح ماتت وهي بتولد ضحى عشان كده بابا سماها ضحى على اسم والدتها
أوما بتفهم وفجأة احتضنه وقال وهي يكاد يبكي:
-أنا بحبك متسبنيش
ضحك وطبع قبلة على شعره وقال:
-مش هسيبك يا نور عيني
عانقته "ضحى" هي الأخرى ومحت دموعها وصاحت بحب:
-أنا كمان بحبك
ابتسم لها مقبلًا وجنتها فحمحمت وقالت:
-أنا هنام تصبح على خير
نظر في طيفها وهو يعقد حاجبيه باستنكار أتخجل! ترى من هذه فهو متأكدٌ أنها ليست أخته ضحك الباقون وتبعها "يزن" كي ينام هو الآخر فاقترب "علي" بهدوء وعانقه بقوة قائلًا:
-أنا آسف
تصرفه كان طفوليًا يشبه طفل صغير مذنب ويحاول إصلاح خطأه فابتسم "فهد" وقال:
-على إيه يا حبيبي أنا مبزعلش منك أصلًا
___________-حمزة
كانت هذه "نوران" التي اقتحمت الغرفة بملامح مقتضبة ظل صامتًا ثوانٍ معدودات ثم أجابها ببرود:
-خير
قطبت حاجبيها وسألته بعدم فهم:
-مالك تصرفاتك غريبة وبتتعامل معايا وحش أنا وبباك
ألقت نظرة سريعة على صينية الطعام الموضوعة على الطاولة بزاوية غرفته منذ أكثر من ثلاث ساعات وتابعت:
-وكمان مكلتش!
قال بوقاحة وبنفس نبرته الباردة تلك:
-أنا حر سيبوني في حالي ومحدش ليه دعوة أكل أو لا دي حاجة تخصني
صرخت به بغضب وقد طفح كيلها من هذه الأفعال الصبيانية:
-لا مش حر ثم إبه الطريقة اللي بتتكلم بيه دي
صرخ بها بغضب وصوت عالٍ وهو يضرب بجهازهه اللوحي عرض الحائط:
-لا حر سيبوني في حالي وخليكم مع بنتكم ومحدش ليه دعوة بيا
كانت تعلم أن الصراخ لن يزيد المشكلة سوى تعقيدًا فأخذت شهيقًا عميقًا وسألت بهدوء رغم سخطها عليه:
-أنتَ غيران!
ضحك بسخرية وابتلع غصته وقال بألم:
-وهغير ليه يعني هو في أي حاجة اتغيرت، ما كل حاجة زي الفل اهي لا بقيتوا تنسوني، ولا بتتجاهلوني، ولا بخرج وبرجع ومبتلاحظوش إيه اللي هيزعلني ما كل حاجة تمام سيبوني في حالي بقى واطلعوا من دماغي عشان أنا لا طايقكم ولا طايقها
ألقى بكلماته الأخيرة بظاظة ووقاحة وهو ينهض متجهًا نحو الباب ببرود ليستقبل "عدي" فقد وصلته منه رسالة يخبره فيها بأنه وصل، فصرخت به:
-حمزة!
ابتسم بجانية ساخرًا فقد سئم كل هذا حقًا:
-ده اللي أنتم فالحين فيه تعلوا صوتكم عليا لكن هي..
ضحك في نهاية كلامه بسخرية امتزجت بألم كان واضحًا بنبرته والتي استنتجت منها أنه يهرب لأنه موشكٌ على البكاء.
لم يكد "عدي" يبتسم له حتى وجده يسحبه خلفه نحو المصعد صاح بهما "آدم" من الخلف:
-رايحين فين؟
____________
أنت تقرأ
خطايا الظل✓
Randomعندما يكون هذا عشقك الأول، وفجأة تكتشف أن من تعشقه حد الجنون هو ذاته زعيم الشر، إبليس الظلام، زعيم مافيا الظل، كيف سيكون حالك؟ وما رد فعلك يا تُرى؟ وماذا إن عاد الماضي لمُلاحقتك من جديد؟ ماذا لو عادت ذكرياتك الأليمة، لتكون نصل حاد يشق قلبك لنصفين، و...