«16»

457 24 0
                                    

استيقظت في الواحدة بعد منتصف الليل على صوت الإشعارات المستلمة من هاتفها معلنةً عن استيقاظ الصغير نهضت من على الفراش ونظرت له بعيون نصف مفتوحة ثم تحسست جبينه انخفضت حرارته بعض الشيء تركته وذهبت لذاك المُزعج الذي لا يكُف عن البكاء ما به هذه الأيام حملته من جانب "ضحى" النائمة بعمق وأخذته إلى غرفتها وطوال الطريق تمسد على ظهره علّه يهدأ لكن ما من فائدة
نظرت له بعيون نصف مفتوحة وقالت:
-مالك يا ماما
أشار لفمه وعاد للبكاء مجددًا يبدو أنه ذكي تمامًا كوالديه ويفهم ما تقوله والدته فتحت فمه برفق ونظرت داخله يبدو أن أسنانه العلوية بدأت بالظهور عبثت بخصلاته وقالت بمرح:
-هيطلع لك سنتين كمان يلا بسرعة عشان تعض بابا
هز رأسه نافيًا وهو يقوس شفتيه ففعلت مثله تمامًا وقالت موافقةً إياه الرأي وهي تهز رأسها بالإيجاب:
-عندك حق هو تعبان النهار ده ينفع تنام بقى عشان أعرف أخد بالي منه
عاد يهز رأسه بنفي فوضعته على السرير جوار والده النائم وقالت بتحذير وكأنه يفهم:
-خليك هنا متتحركش من مكانك لحد ما أرجع
لحظة أسمعتم هذا؟ أليس صوت "فهد"؟ هل بدأ يهذي؟ حسنًا فليقل ما يشاء هي تنتظر أن تسمع ما سيقوله ذهبت لتحضر ماءً باردًا لتستخدمه في معالجة الحُمى عادت فوجدته شبه مستيقظ وذاك المشاغب يصفعه على وجنته ويقول كلماته غير المفهومة عدا عن كلمة "بابا" التي سمعتها جيدًا كانت محاولة يائسة منه لإيقاظ والده آهٍ منك يا "يزن" يبدو أنك لن تكون مُزعجًا وعصبيًا فقط بل وثرثارًا أيضًا.
قالت بغيظ وصوت منخفض من بين أسنانها وهي تحمله من ثيابه:
-أنتَ بتعمل إيه يا جزمة
-سيبيه
قالها "فهد" بوهن، واضحٌ أنه في حالة اللاوعي فضحك الصغير وتحرك يحاول التملص من يد والدته لينزل لوالده أمسكته جيدًا وأبعدته وهي تقل بحزم:
-لا أنتَ تعبان نام
همهم لها وقال:
-طب اقفلي النور
نظرت للإضاءة الخفيفة حولها بالغرفة وقالت:
-ما هو مطفي يا حبيبي
حسنًا هو فقط يهذي إذًا لا يهم هي تستمتع بهذا لكن أين تضع هذا الشيء؟ نظرت حولها تبحث عن مكانٍ مناسبٍ لا يمكنه فيه إزعاج والده، واستقرت أخيرًا على وضعه بمهده المجاور للفراش لكنه بكى فحملته مجددًا وقبلت وجنته المنتفخة وهي تقول:
-هتسكت ولا أسيبك هنا
وضع رأسه على كتفها ونظر لوالده ثم رفع سبابته الصغيرة وأشار إليه يريده اتجهت نحو "فهد" ووضعت الصغير جانبه ثم حملت قطعت القماش من الماء البارد ووضعته على جبينه فتح عينيه بانزعاج وقال:
-اقفلي الماية
ضحكت برقة وقالت:
-حاضر
___________

بالولايات المتحدة الأمريكية وتحديدًا مدينة "نيويورك" كانت الساعة السابعة مساءً كان يتجول بسيارته في الشوارع بملل يحاول فقط أن يجد سبيلًا ليهرب من أفكاره وكل ما يشوش عقله ويسيطر عليه أفاق من شروده على صوت صراخ واستغاثة فتاة ما نظر حوله بتعجب فما من أحدٍ بهذا المكان إنه شبه معزول
نزل من سيارته وأغلقها جيدًا ثم خطى بضع خطوات حذرة نحو الصوت وجد شابًا يبدو أنه ثمل يحاول أخذ فتاة معه بالقوة وعندما فشل بدأ الاعتداء عليها الكثير والكثير يدور بعقله الآن ماذا سيفعل؟ الفتاة محجبة فحتى وإن لم تكن الفتاة عربية فهي مسلمة ابنة دينه، وحتى إن لم تكُن مسلمة فهي فتاة لا حول لها ولا قوة يجب عليه مساعدتها، لكن تلك الذكريات الأليمة التي أتى هنا لدفنها داخله حيت من جديد أثر هذا المشهد..
ها هو يرى نفسه في هذا الشاب ويرى "سلمى" بالفتاة، ماذا سيفعل هل سيتركها هكذا؟ كلا حتى وإن أخطأ فهو لن يرى غيره يذنب ويقول أنه ارتكب مثل هذا الخطأ من قبل ويصمت ولا يتدخل
كل هذا دار بعقله في ثوانٍ معدودات، ضم قبضته بشدة ثم تحرك نحوهما وأبعده عن الفتاة ثم سحبها من يدها لتقف خلفه وهي ترتجف نظر له الآخر بغضب وكاد يلكمه لكن "هشام" أمسك يده وقيدها خلف ظهره ثم ضرب جبينه في أنفه ففقد توازنه وهكذا تمكن منه التفت إليها وجدها تحتضن نفسها وثيابها ممزقة فخلع سترته ومدها إليها ارتدتها
فتحرك عائدًا للسيارة فتبعته سريعًا عندما استمعت تأوه الآخر اللعنة أتُصر على تذكيره بكل ما حدث تلك الليلة مفصلًا فتح لها الباب الخلفي وكل هذا دون أن ينبسا ببنت شفة..
رن هاتفها فرنت للشاشة قليلًا ثم أغلقته وعادت تبكي من جديد عاد للرنين فأغلقته مجددًا رن الهاتف فكادت تلقيه من النافذة لكن هذه المرة كان هاتفه هو أنزلت يدها وأعادت الهاتف لحقيبتها كان يتابعها عبر المرآة أمسك هاتفه وأجاب على أخيه القلِق، يعلم أنه سيوبخ لاختفائه منذ الصباح ولكن يعلم أيضًا كيف يصالحه تراجع عن فكرته تلك عندما سمع صراخ "خالد" في الهاتف قال وهو يبعد الهاتف عن أذنه:
-اهدى بس هقول لك
همست بصدمة:
-مصري!
__________

خطايا الظل✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن