«27»

313 19 0
                                    

قال "حمزة" بنبرة باردة وهو لايزال يوليه ظهره:
-طالعين السطح
مالت رأس الآخر وهو مستفهمًا:
-ليه
صك "حمزة" على أسنانه وقال:
-آدم بالله امشي وأنتَ ساكت
قال بهدوء وهو يهز رأسه:
-طيب هنادي يزن
نظر له "عدي" فقهقه "آدم" قائلًا:
-وأبرار عشان تصالحها
ضحك الآخر وتطلع أمامه متابعًا طريقه خلف "حمزة" الغاضب بينما "آدم" عاد للداخل ودلف لغرفة "يزن" ثم خرج وتبعه "يزن" وتلك الناعسة "أبرار" كادوا يخرجون دون أن يعطوا لوالديهما أدنى اهتمام فصاح بهما "فهد":
-خد يالا أنتَ وهو رايحين فين دلوقتِ وواخدينها معاكم؟
حمحم "آدم" وقال:
-طالعين السطح يا بابا
أشار لابنته بعينيه وقال وهو ينظر لهم بتفحص:
-وواخدينها ليه؟
عانقها "آدم" وهو يقول:
-أختي وعايزها معايا
صاح به "فهد" بغضب أن يبتعد عنها لكن "آدم" استفزه باقترابه منها أكثر وطبع قبلة على وجنتها فاحمرت خجلًا وهي تضحك فاقترب منهما وقبل أن يمسك به ركض واختبأ بحضن "آية" وهو يضحك فضحكت هي الأخرى وعانقته بينما "فهد" حمل ابنته وقال مهددًا:
-اللي هيلمسها تاني هقطع له ايده حلو
ابتسم "يزن" بخبث وقال:
-ايش هادا بابا غيران على أبرار؟
نظر له وقال ببرود:
-بنتي وأنا حر
ضحكت "أبرار" وهي تعانق والدها ثم وضعت رأسها على كتفه وكادت تعود للنوم لولا أن "فهد" تحدث قائلًا:
-طالعين على السطح دلوقتِ تعملوا إيه
حمحم "آدم" وقال وهو يحك يديه ببعضها:
-أصل حمزة فوق وشكله زعلان وبعدين هو مستنينا
قطب "فهد" حاجبيه متسائلًا:
-ماله
هز "آدم" كتفيه بجهلٍ وقال:
-مش عارف بس هو كان متخانق مع عمو جاسم وطنط نوران وتقريبًا اتخانقوا تاني
أومأ له "فهد" متنفسًا بهدوء وقال:
-طب اطلع ناديه
ارتبك "آدم" وهو ينظر له ثم نظر لأخيه فرفع الآخر عينيه إلى سقف الشقة وكأنه لا يرَه نظر له بسخط ثم عاد لوالده وقال:
-أصل هو مش لوحده معاه عدي
فور أن ذُكر اسمه نهضت سريعًا من على كتف والدها وهي تنظر لأخويها صدقًا ما سمعته؟ هو هنا حسنًا أين حلواها الذي وعد بها؟ ألهذا السبب كان "آدم" يصطحبها للأعلى؟ ربما، ما المشكلة؟ نظر لها "فهد" وهو يضيق عينيه بغيظ وأنزلها أرضًا فركضت تجاه "آدم" لتتأكد وابتسامتها تتسع ببراءة، قالت وعيناها تلتمع بسعادة:
-هو هنا بجد
هز الآخر رأسه ضاحكًا بينما "آية" حمحمت وهي تحاول إخفاء ضحكتها على "فهد" الذي يكاد يَمَيَّزُ من الغيظ
____________

بالأعلى كانا يجلسان على إحدى الأرائك والتي وضعت فوقها مظلة كما الأخريات كان "عدي" صامتًا يستمع لما يقوله "حمزة" بهدوء تام كما عادته وهو ينظر للسماء متابعًا النجوم ومتأملًا جمال القمر
-بالله مش ظلم يعني ليه كل الاهتمام ده ليها دول لسه عارفين من يومين إنها بنت محسسني إنهم أول مرة يخلفوا هم لاقيني على باب جامع!
كان يتحدث بصوت باكي تشوبه السخرية وحمل بين طياته الألم فقال "عدي" بتلعثم:
-عـ.. عيط
صرخ به "حمزة" ناظرًا له بحدة:
-عدي
نظر له الآخر بمعنى "أنا لا أمزح"، حسنًا لِمَ لا، أعتقد أن "عدي" مُحق، فليبكي وليحدث ما يحدث، من قال أن الرجال لا يبكون وفي العموم من قال أن البكاء ضعف، إن كان الأمر يستحق البكاء إذًا لِمَ لا نفعل؟ ممّا نخاف؟ لِمَ لا نعطي كل شيءٍ حقه حتى لا نبكِ بالمستقبل على أشياءٍ نجهلها أو لا تستحق؟ لمَ نُلقي بأيدينا إلى الشقاء والتهلكة! لا يكلفُ الله نفسًا إلا وسعها؛ فلِمَ نفعل!
لم يدُم صموده طويلًا وخرّ باكيًا بحضن صديقه ربت الآخر على ظهره فهو يعلم جيدًا معنى أن يتم نسيانه أو تجاهله من قبل الآخرين يشعر به ولكنه اعتاد الأمر أو تعايش معه، لطالما تجاهله الجميع عدا أهله، بينما "حمزة" نُسِيَ من قِبل أهله ولهذا فإن المشكلة بالنسبة له أخطر وأكبر فإن لم يتلقّى الاهتمام والدعم من والديه مِمَّن سيفعل؟
-واضح إني جيت في وقت مش مناسب
كان هذا "يزن" الذي حاول تخفيف الكآبة التي تشوب الجو بشيء من المرح فضحك "حمزة" وهو يمحو دموعه وكذلك "عدي"، حمحم "يزن" وتابع بجدية:
-بابا عايزك
رمش "حمزة" بعينيه ونظر حوله فوجد "عدي" يطالعه باستغراب فقال:
-مسمعتش يلا شوفه عايز إيه
قال "يزن" بضيق:
-حمزة متستعبطش أنتَ عارف إني بكلمك أنتَ
حمحم ووقف بشجاعة مزيفة وهو يهندم ملابسه وقال:
-بجد طب يلا
مشيا خطوتين والتفت "يزن" فوجد "عدي" عاد لتحديقه بالنجوم فصاح به بضجر ساخرًا:
-خير يا عدي باشا تحب تبات عندك النهار ده ما تخلص تعالى
أومأ له ومازال على صمته المعتاد ثم تبعهما لأسفل، وقف ثلاثتهم أمام الباب يتبادلون النظرات فدفع "حمزة" "يزن" للمقدمة وقال:
-أصحاب البيت أولًا
فدلف وهو يلقي عليه نظرة ساخطة وهو يردد كلمة واحدة ألا وهي "جبان"، لم يولِه اهتمام ودفع "عدي" كما فعل مع "يزن" وقال:
-الضيف ثانيًا
ثم نظر حوله وحمحم بإحراج قائلًا:
-أنا بقول الوقت اتأخر وابقى اعدي عليهم الصبح
وقبل أن يذهب وجد يدًا تسحبه من ملابسه من الخلف إلى الداخل فأغلق الباب وهو يدلف بطريقة عكسية وهو يعلم تمام العلم أن هذا عمه.
___________

خطايا الظل✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن