«28»

322 22 0
                                    

-عارف إني غلطان وتالله آسف مش هتتكرر تاني بس متتعصبش بالله
كان يقف خلف الباب، وألقى بكلماته تلك سريعًا فورما دلف الغرفة، فنظر له "فهد" بهدوء مُميت وقال:
-مين قال إني كنت هتعصب
همهم "جاسم" قائلًا بارتباك:
-أقعد ولا هتمد إيدك
أجابه ببرود:
-اقعد وهمد إيدي
حمحم وهو يجلس بعيدًا عنه وقال بهدوء:
-أنتَ عارف إني مكنتش أقصد يا فهد وعارف إني كنت فقدت الأمل في إني أخلف تاني صح؟
أومأ له بهدوء فتابع:
-طيب أنا فرحان وده حقي ومش مفروض أداري فرحتي عشان حد
أخذ "فهد" شهيقًا عميقًا وقال:
-أحيانًا فرحتنا بشيء طال انتظاره بتخلينا نهمل الشخص اللي كان مصبرنا وكان معانا، مش دايمًا بندي كل حاجة حقها لأن ساعات الفرحة والاهتمام المبالغ فيهم بالشيء اللي اتمنيناه كتير بتخسرنا أشخاص غالية علينا ومستحيل تتعوض والندم عمره ما هينفع ولا يفيد بعدين باختصار مش لازم نبالغ في الفرحة لأنها بتعمينا وبتخسرنا كتير، حمزة كمان ابنك مش معنى إنك فرحان بإنك بعد مدة طويلة هتبقى أب للمرة التانية إنك تنساه!
-أنا بس..
وكأن الكلمات هربت من حلقه فلم يجد ما يصف به شعوره يريد البوح بمكنون صدره لكن الأبجدية لا تسعفه وضع "فهد" يده على كتف اخيه وقال:
-من غير ما تتكلم أنا فاهمك بس يا حبيبي أنتَ غلطت ولازم تصلح غلطتك مفيش حاجة اسمها مش مفروض أداري فرحتي محدش قال داريها بس متكونش سبب في إن ابنك يكره أخته بسبب أنك بتفضلها عليه أو بتهتم بيها وبتهمله وبعدين يعني إيه يخرج وأنتم مفكرينه في أوضته!
قال جملته الأخيرة بحدة فجف حلق الآخر وقال متلعثمًا:
-كنت.. كنت..
قاطعه "فهد" مجددًا بصرامة:
-لو حصلت تاني هزعلك المرة دي هعديها بس المرة الجاية هتصرف تصرف مش هيعجبك يا جاسم
أومأ له قائلًا بهدوء:
-حاضر
____________

عاد للمنزل رغمًا عنه طاعةً لوالده أغلق الباب فوجد والداته تأتي عليه سريعًا كانت تظنه "جاسم" لكنها تفاجأت به أمامها فعانقته والدموع لا تزال عالقة بأهدابها وهتفت بنبرة أسفة:
-أنا آسفة حقك على عيوني
ابتسم بسخرية وكتم دموعه داخل مقلتيه حاول إبعاد يدها عنه لكنها تشبثت به أكثر فخانته عيناه وإجهش بالبكاء في حضنها فربتت على ظهره وأخذت تبكي معه وهي تعتذر له تارة وتقبله تارة دفن رأسه في صدرها وقال معاتبًا:
-هو أنا وحش عشان تنسوني وتحبوها أكتر مني
ازاد بكاؤها وقالت بتبرير:
-والله لا عمرك ما كنت وحش يا حمزة ده أنتَ أجمل شيء في حياتي ثم إني هحبها أكتر منك ليه ده أنتَ أول ما شافت عيني يا نور عيني
تشبث في ثيابها وقال:
-طب نسيتوني ليه؟ ماما أنا مش عايز اكرهكم ولا أكره أختي بالله ما تكونوا سبب في ده
تزامن قوله مع حضور "جاسم" فعض على شفته متألمًا لحالهم وما وصلوا إليه ثم انحنى قليلًا ليقبل جبين "حمزة" وقال:
-احنا صحاب مش كده
أومأ له فتابع:
-طيب لو حلفت إني مكنتش أقصد هتصدقني
نظر له بعيون دامعة وهو بحضن والدته وقال:
-من غير ما تحلف يا بابا مصدقك
-يعني خلاص
أومأ له فقال ممازحًا وهو يفتح ذراعيه:
-طب ما تجيب حضن وتسيب مراتي عشان بغير
ضحك "حمزة" وهو يرتمي بحضنه وقال:
-دي أمي على فكرة
-ألاه ومراتي يا سيد
قلب عينيه بضجر وقال وهو ينظر له:
-سمتني حمزة ليه لما كل شوية تناديني بـ "سيد"
___________

خطايا الظل✓حيث تعيش القصص. اكتشف الآن