وقف كالتمثال لم يتحرك قيد أنملة وجملتها يتردد صداها في عقله بقوة، هل تنفر منه إلى هذا الحد لتخبره بوضوح أنها لا تطيق قربه ؟
بينما هي في الداخل أفرغت ما بمعدتها وجلست على الأرضية بتعب شديد، شعرت ببعض الندم لتفوهها بتلك العبارة هي لم تقصد ما لفظته، فرائحة عطره أصابتها بالشعور بالغثيان فجأة، تحاملت على نفسها قدر المستطاع ولكن لم تستطع التحمل للنهاية، لتبتعد عنه مفجرة هذه الجملة معبرة عن شعورها ولكن بتهور .فاق هو أخيرًا من صدمته ودلف ليطمئن عليها، فشعر بالقلق من منظرها رغم غضبه العارم الذي يحبسه في صدره، تقدم منها وساعدها على النهوض لتنفر مجددًا من الرائحة فابتعدت بشكل تلقائي ثانية مما أثار حفيظته، ليردد بتهور أكبر وقسوة :- متفكريش إني هموت عليكي أوي، أنا غلطان جاي أشوف مالك .
قال ذلك ثم نهض عازمًا على الخروج من المنزل بأكمله وهو يشعر بكمد يسري بأوردته لو تفجرت ينابيعه لن يطول الأذى سواها وهذا آخر ما يفكر فيه، لا يود أذيتها ولكنه تسمر على أعتاب الغرفة حينما سمع بكائها فجأة .
نهضت هي بصعوبة وأخذت تسير ببطء وهي تستند على الجدار إلى أن وصلت للخارج لتجده واقفًا يحدق فيها بغضب وعتاب، بينما نظرت له بندم ودموعها تملئ عينيها، والأسوأ أنه أقترب منها ليمد لها العون، لتوقفه هي قائلة بتعب واضح ونفور من هذه الرائحة التي تغمر ملابسه :- لا خليك يا فادي هرجع تاني .
زادت كلماتها كمية النيران المشتعلة بداخله، كبح جماح احتدامه وقد تلبسه الشيطان بأن يقترب منها رغمًا عنها ليريها كيف تنفر منه، ولكنه استدار تاركًا الشقة وغلق الباب بقوة ارتعدت على إثرها، وقد فهمت سبب ضيقه ذاك ولكن ماذا تفعل فكل ما حدث خارج إرادتها، سارت نحو الفراش والقت بنفسها عليه بوهن تلتقط أنفاسها التي كادت أن تصعد لخالقها منذ لحظات بالداخل .
**********************************
عادت من أداء آخر امتحان لها وهي تشعر بالراحة لأنها أنهت هذا العام على خير وتبقى لها آخر، توقفت عندما سمعت صوتا ينادي عليها، التفت لتجده أحد زملائها والذي هتف بخبث :- إزيك يا جميلة عاملة ايه ؟ بقلم زكية محمد
تعجبت منه فهو له فترة يتحدث معها هكذا ويسألها عن حالها ومن ثم يغادر، تأففت بداخلها منه فهي لا تود البقاء والتحدث معه، ولكن ما طمئنها هو أنها على مرأى ومسمع الجميع فردت عليه باختصار :- أهلا يا إيهاب كويسة .
كادت أن تسير ولكنه أسرع بمسك يدها لتنزعها منه بعنف قائلة :- أنت أتجننت! إزاي تمسك أيدي كدة ؟
ردد بهدوء وأسف مصطنع :- أنا آسف يا جميلة ما اقصدش أنا كنت عاوز أتكلم معاكي في موضوع كدة، وأنتِ مش مدياني فرصتي .
تحدثت بضجر :- اتفضل قول اللي عندك خليني أمشي .
ضغط على شفتيه بغيظ فهي تصعب مهمته ورأسها الصلد الذي يود أن يهشمها في أي جدار، ولكن عليه التحلي بالصبر كي لا تفشل الخطة ويضيع كل شيء هباء، أردف بود زائف :- طيب ممكن تقعدي خمس دقايق مش هاخد من وقتك كتير .
أنت تقرأ
ملتقى القلوب (الجزء الاول)
Romance- لقد وقعت في براثن الذئاب، لجأت إلى أحدهم ليخبرها بمخطط منفعة متبادلة، فتوافقه لتدلف إلى عرين آخر فمتى ينتهي العذاب ؟ أراد الجد أن يقضي على الجشع والطمع المنتشر بين أفراد عائلته، فيبرم معها إتفاق ربما يودي بحياتها إلى الهلاك. - شوهت صورتها فبات يرا...