الفصل الرابع

942 78 44
                                    

أخذت تقاتل بضراوة في تلك المعركة الوحشية، تضربه بكفيها على صدره بعد أن شعرت بأنفاسها تسلب منها، ولكنه كان كالجدار العازل لا يتزحزح من مكانه، هوى قلبها بين قدميها وعقلها يصور لها النهاية، رددت بعض الأدعية بداخلها وبالفعل استجاب الله لها، إذ تعالت الطرقات على الباب والجرس الذي لم يرفع صاحبه إصبعه من عليه .

انتفض مبتعدًا عنها بعد أن سقط دلوًا من الماء البارد عليه، ليفيق ويدرك فداحة ما كان سيفعله، وقد كان من قام بالطرق على الباب بمثابة التنبيه الذي أعاده لرشده، توجه للخارج وقام بفتح الباب لتصيبه الصدمة حينما وجد والدته تقف بصحبة التؤام، هتف بقلق ما إن رآهم :- فيه إيه يا أما؟ أنتوا بخير ؟

حمحمت بحرج قائلة :- متقلقش يا حبيبي، بس يعني الولاد زي ما أنت شايف كدة قطعوا روحهم من العياط .

صوب أنظاره نحو طفليه بانتباه ليجد الدموع تتشكل بعينيهم والعبوس على وجهيهما، هز رأسه بتفهم قائلًا :- خلاص يا أما حصل خير خش يا عاصم وأنت يا معتصم عند مامتكم جوة .

ركض الصغيران للداخل بينما تابعت درية بخجل من الموقف برمته :- معلش يا ابني بس الظروف جات كدة .

ردد بهدوء وبداخله يشكرها :- لا عادي ولا يهمك .

أردفت بسرعة :- طيب أنا همشي تصبح على خير .
قالتها ثم استدارت ودلفت للشقة المقابلة، غلق الباب وهو يزفر باختناق مردفًا بكمد مكبوت :- طلعتني عن شعوري وكنت ..... هتجنن أومال لو ما كنتش هي عاملة المسرحية دي كلها، رافضة قربي ليه ؟

دلف للداخل حيث تركها لتقع عيناه على المنظر التالي، تعانق الصغيرين وتبكي بحرقة، وهما يربتان على ظهرها بحنو ليسمع ابنه عاصم يقول :- خلاص يا ماما مش تعيطي إحنا جينا .

هتف معتصم بحنو هو الآخر :- ماما مش تسبيني لوحدي .

ضمتهما بقوة وكأنها تحتمي بهما وجسدها يرتعش بقوة، زادت انتفاضته حينما سمعت صوته الجاد يقول :- قوم يا معتصم أنت وعاصم علشان تناموا .

نهض الصغيران ورددا بصوت واحد :- حاضر يا بابا .

تركاها بعد أن كانا يشكلان جدارين عازلين لها، لتبقى هي بمفردها بمواجهته مجددًا، نهضت بخوف وهي تراقب تحركاته بحذر بينما ردد هو بضيق :- متخافيش مش هقربلك دلوقتي، مبحبش النسوان النكدية .

بلعت ريقها بتوتر ووقفت قبالته، لتصفعه فجأة بكل ما أوتي من قوة، بينما جحظت عيناه بذهول من فعلتها لتردف هي بصوت مرتجف قليلًا :- دة علشان كلامك الحقير اللي قولته في حقي واللي مش هسامحك عليه أبدًا .

ردد بعنفوان وهو يضغط على كفها الذي لامس وجنته للتو :- أنتِ بتضربيني أنا !

أجابته بألم حاولت اخفاءه :- أيوة وتستاهل ألف قلم على اللي عملته، وحقي ربنا هيجبهولي منك أنت رميتني بالزور ودة قذف محصنات اللي هو كبيرة من الكبائر شوف حدها فين يا أستاذ .

ملتقى القلوب (الجزء الاول)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن