#عُذرٌ_أقبحُ_من_ذنب
*العراق
*الأنبار
*عام 2020إستيقظتُ فجراً على صوت عيارٍ ناري في المنزل، هممت بالنهوض لأُلقيَ نظرةً على المكان، لأقف أمام المنظر الذي إقشعّرَ له بدني منذ الوهلةِ الأولى، مُطلقاً بعدها صرخةً هزت أركان المنزل.
كان والدي (عبد الجبار) نائماً على الأرض وقد غادرته روحه قبل ثوانٍ قليلة بعيارات نارية استقرت واحدة في رأسه واثنتان في صدره. تبِعها صراخ أمي وزوجة والدي الثانية وأختي ذات ال19 عام.
لحظاتٌ قليلة حتى وصل رجال الآمن، يبدوا أن سكان المنطقة هم من إتصلوا بالعمليات بعد أن سمعوا صوتنا. تم إيقافنا جميعاً على ذمة التحقيق، ورفعت الجثة ليتمكنوا بعدها من التحري.إكتشف المحققون أن القاتل واحد منا، انا او امي او أختي هناء او زوجة ابي، كان السبب هو عدم وجود أي إختراق للمنزل. الغريب في الأمر أني شاب لم اتجاوز ال17 من عمري ومن الصعب علي التحكم بالمُسدّس، أو حتى بالتفكير في قتل والدي الشيخ عبد الجبار، فهو رجل دين متحفظ، لا أنكر بأنه متشدد إلى حدٍ ما، لكن في نهاية المطاف هو الذي انار طريق الحياةِ أمامي، فمن المحال أن أقبل على نفسي القيام بمثل هذا الشيء.
ما ان وصلنا إلى مركز الأمن حتى فصلوا كل شخصٍ منا في غرفة معزولة عن البقية، لضمان السرية وعدم تدبير الأكاذيب فيما بيننا.
إنتظرت لساعتين او ربما أكثر، فالوقت هنا يمضي على مضض. إحتل قلبي إنهيار من نوع جديد لم أعهده من قبل، غصة ذات طعمٍ حاد يصحبها شلال دموعٍ لا يتوقف.
كنت على يقين بأن أول المتهمين هما أمي وزوجة أبي الثانية، ففي أي حادثة مشابة لهذه يكون الطرف الثاني من العلاقة هو المشتبه به رقم واحد. وهاقد حان وقت إستجاوبي، بدأ المحقق بطرح الأسئلة وفي كل سؤال افغر فاهي بتعجب من هذه الأسئلة، تأكد المحقق بأني فعلاً لم أقم بهذا الأمر وخرج بعد قرابة الساعة. استمرت التحقيقات مدة ثلاث أيام ونحن إلى هذا الوقت على ذمة التحقيق، وبدون كللٍ أو ملل يعاودون التحقيق بين الفترة والأخرة، هكذا دواليك إلى أن جاء ذلك النهار المشؤوم.دخل المحقق وأخبرني بأني بريء، وبأن المجرم هي أختي، من هول ما سمعت شعرت بأن الكون كله توقف للحظات حتى اتمكن من فهم ما سمعته، اسودَّ المكان من حولي وانا أطالع المحقق فبدا المشهد وكأنه دُميه ناطقة يحركها شخص دون ان ينبسَ ببنت شفة.
بعد ضغوطات التحقيق أدلت أختي بإعترافاتها قائلةً:
_بعد أن خرج أبي لتأدية صلاة الفجر، تسللت إلى غرفته الخاصة، فهذه الغرفة لا يدخلها سواه، يدخلها ليقضي فيها ساعات بعد صلاة الفجر ليقرأ القرآن، كنت أعلم أين يخفي سلاحه، وضعت يدي بين أرفف مكتبته خلف الكتب واخرجته، فبالوقت الراهن، خير مكانٍ تخفي فيه أمورك المهمة هو الكتب، فلن تجد من يلمسها. إختبأت خلف الباب حتى عاد من الصلاة ودخل غرفته، أحكمت قبضتي على السلاح ووجهت له ثلاث طلقات سريعة استقرت إحداهم في رأسه تبعها إثنتان في الصدر. أخفيت السلاح في ملابسي ولحسن حظي كانت غرفتي قريبة من غرفة والدي هذه فعدت مسرعة لها واخفيت السلاح بين ملابسي وتظاهرت بالفزع أمامهم، ثم تسحبت رويداً رويداً إلى أن تمكنت من وضعه في المُبرد أسفل الدجاج.لم أهتم لهذا السيناريو الذي قامت اختي هناء بسرده للأمن بقدر ما اهتممت بالسبب، فقد كان العُذر أقبحُ من الذنب. كان عذرها بأن والدي متشدد ويمنعنا من مشاهدة التلفاز واستخدام الهواتف.
تم إحالة هناء للتحقيق والإفراج عنا.
تنويه :
القصة بأحداثها واقعية.
لكن من وجهة نظري هناك لَبّسٌ واضح في القضية، والعذر غير مقنع، ما رأيكم أنتم؟
#بِــقَلَمـــي 🖤🐼..