#السحر_الأسود 2
قام اخي الكبير بكسر باب غرفتي، فتوقعت على نفسي من الخوف، فقد بدا عليه الغضب الشديد، سألته وانا أضع راسي بين يدي:
_ماذا هناك؟
_لا اريد سماع صوتك، انهضي.
نهضت وما زلت اخفي رأسي بينَ يدي، رأيته وهو ينظر إلى بطني، فجذبني نحوه بشدة، ورفع الستره الفضفاضة التي كنت ارتيها، ونزع الشال عن بطني، فبدا له ما اخفيت عنهم لفترة، فانهال علي بالضرب والشتم بأبشع الألفاظ، ووصفني بأبشع الصفات.
دخل إخوتي الغرفةَ على صوت صرخاتي التي ملأت المنزل، بدأوا جميعاً بالصراخ عليه ليتوقف عن ضربي، فقال لهم بصوتٍ جهور:
_اتوقف! أتريدون أن أتوقف! أختكم حامل،وتريدون ان اتوقف!
لينهالوا علي جميعهم بالضرب والشتم، خمسةُ شباب، كل شابٍ منهم عرضَ الحائط، يضربون بفتاةٍ هشة، لا حولَ لها ولا قوة. ضربوني حتى تورمَ وجهي وجسدي، واحسست بتدفق الدم من شفتي وأنفي، كنت افقد الوعيَ من شدة الضرب، وافيق مرةً أخرى من شدته أيضاً، هكذا دواليك الى ان دخل أصغر إخوتي إلى الغرفة، وبدأ يفرق بيني وبينهم، ويصرخ عليهم، ويأمرهم بالتوقف، فكانوا يحدثون جلبة جعلت من يسكن على مقربةٍ منا يسمعون دويها.
كان اصغرهم هو قريب قلبي، احبهم جميعاً، لكن هذا الوحيد الذي له حُبٌ خاص، وكان أكثرهم حباً لي. قال أخي الكبير:
_يجب ان تُقتل هذه الوضيعة.
_اقتلها يا أخي، لكن ارجوك لا تضربها بهذا الشكل.
قال قوله هذا وانا أبكي بحرقة، اخرجهم من غرفتي واحكمَ إغلاق الباب بالكرسي الثقيل وبعض قطع الآثاث المتناثرة هنا وهناك. وترحل نحوي بخطواتٍ ثِقال، وهم يطرقون الباب بقوة ويطلبون منه فتح الباب. وقف امامي، وإحتضنني بقوة، فبدأت أبكي بحرقة، وهو كذلك، بكى حتى ان صدره كان يعلو ويهبط لشدة بكائه، وهو يقول :
_لماذا فعلتِ ذلكَ يا وفاء، لماذا؟
_اقسم بأني لا أعلم لما ضربوني أساساً.
_هل جننتي،ام فقدتي جزءاً من ذاكرتكِ يا وفاء؟ ألم تنظري إلى بطنك؟ انت حامل.
_كيف اكون حامل ولم يمسسني بشرٌ قبلَ ذلك يا أحمد؟ لا أعام ما بالُ بطني، فهو ينتفخ من تلقاء نفسه، وكنت اخشى البوح بذلك، صدقني.
_لا تكذبي علي، اخبريني بالحقيقة.
_أقسم لكَ يا أخي بأني لا أعلم ما باله.
_يبدو اني قد أخطأت عندما قمت بحمايتك منهم.
خرج من الغرفة بعد ان ألقى بي على السرير، وقال:
_يجب أن تُقتلي قبل ان يعرف أحدٌ بخطيئتك.
جلست على سريري وانا امسح الدماء التي تسيل من وجهي، وأحاول إقاف تدفق الدم الذي يسيل من قدمي. لم انم ليلتها لشدة الآلام التي أحاطت جسدي كله، وكان بطني يؤلمني بشكلٍ غير محتمل.
ارتفع صوت آذان الفجر، ليبعث الطمئنينةَ في قلوب العالمين، ويبعث الخوف في قلبي، فقد دلف إخوتي الستة إلى غرفتي وقالوا لي:
_انهضي.
_لا اقدر على الوقوف.
قام أحدهم بالإقتراب مني، وسحبني من يدي واوقفني رغماً عني، ثم ألقى بي على كتفه، ونزلوا جميعاً الدرج خلفه، قال أخي الكبير لزوجاتهم:
_يمنع خروجكم من المنزل بتاتاً، من تنطق منكم ببنت شفة عما حدث هنا، سيكون مصريها مثل هذه الوضيعة. من يسأل عنها ستقولون بأنها تزوجت، وسافرت مع زوجها خارج العراق.خرجوا بي إلى البساتين التي يملكونها، والخوف يقتات على عافيتي، وانا ادعوا الله بأن ينجيني منهم، فأقسم بأني لم أفعل شيئاً أبداً. بدأت بالبكاء والتوسل لهم بأن يصدقوني، طلبت منهم ان يخضعوني للفحص ليتأكدوا من صدقي لكنهم رفضوا، بل وظنو بأني اريد التوجه إلى المشفى لتقوم الجهات الحومية والأطباد بحمايتي. بعد ان تمكن اليأس مني قلت لهم:
_ أريد طلباً أخيراً
_ما هو؟
_اريد ان أصلي ركعتين قبل ان تقتلوني.
_كيف ستقابلين الله بهذا الجنين، خذي خذي رشفةَ ماء واصمتي.
_اتظنونني خروفاً وستضحون بي، أليس من حق أي شخصٍ يعدم، ان تُحقق له أخر أمنيةٍ له؟
_نعم.
_حسناً، اريد ان أصلي.
قام أحدهم ونزل من السيارة، وفتح الباب وامسكني من يدي ثم ألقى بي على الأرض وركلني بقدمه وهو يقول :
_صلي.
سقطت على وجهي وضُرب بطني بصخرةٍ تخرج من الأرض، فصرخت من شدة الألم وانسكت ببطني، ثم بدأت أستفرغ كل ما في معدتي، كان القيئ شديد السواد ذو رائحة كريهة، مليئ بكُتل الشعر، وكتل الشحوم، بقيت على هذه الحالة قُرابة الساعة. كان القلق واضح على وجوههم، فبدأوا يرشونني بالماء حتى لا أفقد الوعي.
ما ان انتهيت حتى كان بطني قد إختفى نهائياً، وكأنه لم يكن، فأحتضنني إخوتي وعلموا بأن سبب إنتفاخ بطني كان سحراً لا أكثر.
أخذوني إلى شيخ دين، وأكد لهم بأن ذلك سحراً أسودَ مأكول، فتأكدوا بأن من قامَ بذلك هن زوجاتهم، فأنا لا أتناول الطعام عند أحد. خرجوا من عند الشبخ وتوجهوا بي لطبيبة نسائة لتكشف عن بكريتي، فأكدت لهم بأني عذراء. إحتضنوني وبدأوا بالبكاء والإعتذار على ما وصلت له بسبب زوجاتهم. عدنا إلى المنزل، وبدأ كل واحد منهم بضرب زوجته لتعترف، لتكون هذه الصدمة الثانية.
فكانت زوجة الكبير هي من خططت، والثانية التي أرشدتهم للساحر، والثالثة من طهت الطعام المسحور، والرابعة من أحضرت لي الطعام، وكانت أتعاب الساحر وثمن السحر مدفوعة منهم الستة. وما زاد من الأمر سوءاً انهم قالوا لهم :
_حتى وان ذهبت لطبيب نسائي سيأكد بأنها حامل، فهو يجهل كنه ما تحمل بين أحشائها.
قام كل واحدٍ منهم وطلق زوجته، واعتذروا مني مرة أخرى، واتفقوا على انهم لن يتزوجوا إلا من أختارها لهم أنا، وسيتركون القصر لي وحدي، وسيسكنون في منازلهم المستقلة.
بعد مضي الشهور، تقدم شاب للزواج بي فقالوا له:
_ نوافق على ذلك لكن بشرط، ستسكن معها في منزلها، وسيبقى المنزل بإسمها ولن يُحال لك بتاتاً، وسنمرها يومياً للإطمئنان عليها، واذا رأينا الحزن في عينيها يوماً، سنقتلك.
وافق حسن على الزواج مني بشروط إخوتي، وكان حقاً نِعمَ الزوج، وكانَ إخوتي، خيرَ سندٍ لي في هذه الحياة.
..تمت..
تنويه :
القصة بأحداثها وتواريخها حقيقية.
#بِــقَلَمـــي 💜🕊️