خطاب الأرواح الجزء الأول

257 14 0
                                    

#خطاب_الأرواح 1

*الأردن
*اربد
*عام 1992
مرحباً، كيف حالك؟ اتمنى ان تكون بحالٍ أفضلَ مني، إسمي أسيل، لا يهم الإسم بإمكانك وصفي بالجثة كما يفعل الجميع الآن. سأخبرك قصتي من تحت الرمس ،واذا كنت تجهل معنى الرمس فهو تراب المقابر. صدمك التعبير أليس كذلك يا عزيزي؟ فأنا أحدثك من مرقدي هذا وقد فقدت حياتي على يد من وثقت به. دعنا من هذا الهراء، فليس أمامي الكثير من الوقت لأبوح بما لا يفيد، أنصت جيداً.
إعتدت السير بسيارتي ال(بي ام دبليو) في شوارع إربد يومياً، أخرج من الجامعة إلى المنزل، أقضي بعضَ الوقت في مخدعي مع نفسي تارة، ومع اهلي تارةً أخرى ، ثم أخرج لأسير بسيارتي في المدينة، عادةً ما اخرج مع صديقاتي إلى بعض المطاعم، فكوني من عائلة مرموقة وثرية، يجعلني محط أنظار الجميع، وزد إلى ذلكَ أني وحيدةَ أهلي، أي الوريثة الوحيدة لكافة عقارات وشركات والدي بعد تلكَ الوصية التي كتبها أمامي، بأن تذهب جميع أملاكه لي بعد وفاته_ أطال الله في عمره_، لذلك كان علي التأني في موضوع الزواج واختيار شريك حياتي.
وقد وقعت بالفعل في شباك ذلك الشاب الذي يدعى مصطفى، شاب في مقتبل العمر فاتن حد اللعنة، يدرس معي لكنه بكلية الحقوق بالسنة الثالثة، من عائلة متواضعة نوعاً ما، والده متوفي ويعيش مع والدته وإخوته في منزل أقل من العادي، لكن الحب لا يعرف الظروف يا عزيزي.
كنت ألحظ تتبعه لي من مكانٍ لمكان، فما ان ادخل إلى مطعم حتى أجده يدخله بعدي بدقائق قليلة، هكذا دواليك إلى ان جاء اليوم الذي كسر به مصطفى جميع حواجز الصمت بيننا وتقدم ليجلس معي على نفس المنضدة. أتريد الحقيقة ؟ حسناً كنت قد تعمدت يومها بأن اخرج وحدي وأجلس وحدي عله يقع في غرامي، وهذا تحديداً ما وصلت إليه.

أذكر كل كلمةٍ دارت بيننا آنذاك حتى وانا كائن أثيري، ليعترف لي في نهاية المطاف بحبه لي لأبادله بدوري الحب الذي لم أهبه لأحدٍ قبله قط. إستمر حُبنا هذا لشهور، حتى جاء ذلك اليوم الذي قال لي بأنه سيتقدم لطلب يدي من والدي، شعرت بأني أطير فوق العالم وبدأنا نرسم معاً أحلامنا اللازوردية المكللة بالجمال وبعض حبات المستقبل المُسن، فقد وصلنا بأحلامنا إلى عمر الشيخوخة، يا للسذاجة.
جاء الموعد ليطرق به زوج المستقبل باب أهلي طالباً يدي لأزف له، لكن الصدمةَ كانت ردة فعل والدي الذي رفضه فور ان سمع بإسمه الكامل، لا أعرف السبب لكنه كانَ رفضاً قاسياً، ولولا حبه لي لما عاد مرةً أخرى بعد أن قلت له بأني ضغط على والدي ليوافق، فحبي له أسمى من ان يُرفض لكونه فقيراً، فالتذهب النقود للجحيم حينها.
كنت قد هددت والدي بالإنتحار لو لم يوافق على مصطفى زوجاِ لي، وأخبرني بأنه بريءٌ مني، فوافقت بلا أدنى شك، فأنا أعرف رقةَ قلبه، سيقلع عن هذا الأمر فور أن يراني أدلف منزله بأول زيارةٍ لي.

وجاء يومنا المعهود، اليوم الذي تشعر به الأنثى بأنها إحدى أميرات ديزني لاند بفستانها الأبيض المنفرش، ومستحضرات التجميل وخاصةً لون الشفاه المُحمّر، عدا عن العطور التي يبقى أثرها عالقاً إلى حين عودتها إلى المنزل.
عدت برفقة مصطفى إلى منزل أهله، ودخلنا غُرفتنا بعد حفل زفاف يشهد له التاريخ لعظمته، لكن عادةً ما تجري الرياح بما لا تشتهي السفن يا عزيزي.
دعني الآن أخذ قسطاً من الراحة لاني مرهقةً بعض الشيء، وسأخبرك بما سيفجع قلبك بعد حين،فالحياة لا تعطينا الدروس تدريجياً، بل تلقيها على أكتافكَ دفعةً واحدة ولتبقَ صامداً إن إستطعت.
يتبع...
#بِــقَلَمـــي 🖤🐼

الجانب المظلم Where stories live. Discover now