#قضية_في_السماء 1
*عام 1985
*العراق
*النجف
بدأ يومنا بصراخ والدي صباحاً على خبر وصول شُحنة الإطارات والبطاريات اليابانية الخاصة بمتجر قطع الغيار الخاص بنا، إنتطلقت برفقة اخواي وأبناء عمي الإثنين وبعض العاملين لنستقبل الشاحنات ونفرغها في المخزن المجاور للمتجر.
انهينا العمل بعد ان غابت الشمس، ثم جلسنا نتحاور مع والدي، فقال لنا :
_هذه بضاعة سنة كاملة ان شاء الله، وقد دفعت بها كامل ثروتي.
_فاليرزقنا الله يا أبي.
_آمين.
توقفنا عن الحديث عندما صفطت سيارة فارهة من نوع (لاندكروزر) بالقرب من المتجر، تتبعها سيارة جيب وثلاث شاحنات كبيرة.
ترجل منها شخصي يبدو انه أمير او ما شابه برفقته خمس رجال مفتولي العضلات يرتدون بدلاتٍ سوداء ويضعون نظارات شمسية سوداء كذلك، ومع كل شخصٍ منهم سلاحٌ يضعه على جنبه من نوع (M4)، هيأتهم أنهم فريق حماية الشخصيات الواضح من .تقدم الأمير او الشيخ وتبعه رجاله وبدأ بحواره مع والدي بعد التحية قائلاً له:
_أريد إطارات للشاحنات الكبيرة، والسيارات و، و، و..
كان طلبه تقريباً يقدر بكل البضائع التي وصلت للتو، ثم طلب من أحد رجاله إحضار حقيبة النقود التي في سيارته، وقال لوالدي :
_هذه النقود تقدر ب 10٪ من قيمة البضاعة، فكما تعلم المبلغ كبير جداً ولا أستطيع حمله والتجول به، فأبعث من تأمنه على نقودك ليذهب معي إلى منزلي، ويحصل على تتمة المبلغ.وافق والدي بالفعل، وبعد الإنتهاء من تحميل البضائع جميعها في الشاحنات، ركبت في سيارتي برفقه اخي احمد ومحمود وابناء عمي حسن وسامي.
خرجت سيارته في المقدمة ثم تبعته سيارة الرجال الخمس والشاحنات ثم انطلقت انا بسيارتي خلفهم.
توقفت سيارة ( الاندكروزر) بجانب قصرٍ فخم، ومضت سيارة الرجال الخمس والشاحنات قُدماً. نزل الرجل من سيارته ورفع يده بالهواء إشارةً منه على ان نتبعه، وهذا بالفعل ما حدث.
وقفنا منبهرين بقصره، فكان بالفعل يخطف الأذهان بأناقته وجماله. طرق الباب فخرجت لنا إمرأة مسنة، فطلب منها بأن تُفسح الطريق لنا في القاعة الخاصة بالضيوف. طلب منا الجلوس ريثما يحضر باقي المبلغ.
مضى على مكوثنا في غرفة الضيافة قُرابة الساعة، للوهلة الأولى كنت اخفي قلقي عن اخوتي واولاد عمي وأخبرتهم بأن المبلغ كبير جداً وقد يحتاج إلى وقتٍ طويل ليحصيه.
مرت الساعة الثانية ونحن لا نزال في مقاعدنا، نهضت من مكاني ثم طرقت الباب عدة طرقات حتى حضرت الإمرأة المسنة التي فتحت لنا البوابة، رحبت بنا ثم قالت وهي تبتسم:
_تفضلوا وانظروا الي المنزل كما يحلو لكم.
_سيدتي نحن نسأل عن الرجل صاحب القصر، لا ادري ربما هو زوجك.
_زوجي!! زوجي توفى منذ عشر سنين.
_ومن هذا الرجل؟
_هذا رجل جاء قبل يومين ومعه زوجته وبناته لشراء هذا القصر فأعجبهم، ثم قال لي بأنه سيأتي برفقة أولاد أخوه لكنهم سيأتون بسفر، فربما سيستغرق الأمر منهم يومين للوصول، وبعد احضركم اليوم وخرج لي، قال بأنكم ستلقون نظرة على المنزل ريثما ترتاحون قليلاً من السفر، وطلب مني عدم إزعاجكم إلى أن تطلبوني انتم ذلك.
_أي ان هذا ليس بمنزله؟
_لا هذا القصر لي واعيش هنا وحدي وأولادي كل واحدٍ منهم يسكن لوحده مع زوجته وأطفاله.
_وكيف ادخلنا هذا الرجل هنا؟
_كان يريدكم ان تتنقلوا بالبيت كما يحلو لكم، لذلك خرج من هنا، والقصر هذا للبيع ألم تلحظوا اللوحة التي في بداية الممر المؤدي إلى البوابة الرئيسية للمنزل؟
_هل لديكِ هاتف أرضي؟
_نعم.
_هل تسمحين لي بإستعماله قليلاً؟
_بالطبع.أمسكت الهاتف ويداي ترتجفان، وأجريت إتصالاً مع والدي فقلت له:
_أبي أنا مصطفى، اريد إعلامك بأن الرجل الذي إشترى منا البضائع ليس بأمير أو شيخ، إنما هو رجل محتال، أخذ ما يريد وهرب.
_أين أنتم الآن؟
أخبرته بمكان القصر فقال لي:
_لا تتحرك من مكانك سأحضر حالاً.
بعد مرور نصف ساعة، حضر والدي بصحبة رجال الأمن الذين بدأوا يستجوبون الإمرأة المسنة، تجاوبت معهم في البداية ثم أبدت إنزعاجاً واضحاً وأمسكت بالهاتف وبدأت تتحدث مع أحد أولادها، الذي لم يلبث حتى جاء إلى المنزل.
كان إبنها احد رجال المخابرات، قام بطردنا جميعاً من المنزل، حتى انه قام بطرد رجال الأمن أيضاً، لنعود أدراجنا إلى المنزل ونحن نضرب الكفوف من القهر.
يتبع..
#بِــقَلَمـــي 💜🕊️