بلا حياة

370 35 2
                                    

"عمار!"
ناديته وانا التفت حولي

ذهبت معه لمكان لا أعرفه، مكان مزدحم ومليئ بالبائعين والمحلات

"أجل"
سمعت صوته والتفت بسرعة لأراه، تنهدت ثم مددت يدي وأمسكت بيده
"المكان مزدحم، ظننت أنني أضعتك"

"سأجدك دائماً لذا لا حاجة لكل هذا القلق"
يتحدث ببساطة دائماً

"لماذا أتينا إلى هنا؟"
بدأ يسير وتبعته، توقف عند أحد المتاجر، كان متجراً للأكسسوارات، ليست أكسسوارت جاهزة، بل الأغراض التي تصنع منها

"أريد صنع أكسسوارت جديدة"
قال ثم أبعد يده عن يدي ومد يديه للأغراض وبدأ يأخذ منها أشكالاً مختلفة لصنع الأكسسوارات ثم دفع ثمنها

"هل تصنع أكسسوارتك بنفسك؟"
هل لهذا السبب هي مميزة وغير مألوفة؟

"بالتأكيد، وكذلك ملابسي"

ملابسه أيضاً!

"كيف تجد وقتاً لفعل كل هذا؟"

"ولماذا قد لا أجد وقتاً؟، لا يوجد أكثر من الوقت في هذه الحياة"
يتحدث وكأنه فيلسوف

أمسكت بيده مرة أخرى كي لا أضيع في الزحام
"متى سنغادر؟"

"عندما أُنهي تسوقي، ظننتك أردت مرافقتي!"

"ظننتنا سنذهب لمكان معروف"

"وهل شارع المزين مكان غير معروف؟"
سأل بإستنكار

لربما أجابتي كانت غبية لأن المكان بكل هذا الإزدحام إذاً بالتأكيد هو مكان معروف

"لا عليك، كنت أقصد مكاناً أقل أزدحاماً"

"لقد أنتهيت من تسوقي"
قال وبدأنا نعود من الشوارع التي أتينا منها

صعدنا في قطار الأنفاق ونزلنا في المعادي، منزله هناك، أعتقد أن مكان منزله يناسب شخصيته، المعادي أشبه بالمتاهة، وهو شخص غير مفهوم

"أتريد تجربة صنع قلادة لك؟"
سأل وهو يضع كيس المشتريات على المنضدة

"لكني لا أعرف شيئاً عن طريقة عملها"

"الأمر أسهل مما تتصور، لا تحتاج لخبرة"
قال وبدأ يخرج محتويات الكيس

"يمكنك صنع عقد بسيط، لا يحتاج أي مهارة"
أخرج علبة خيط
"هذا ما كل تحتاج إليه"

نظرت للخرز الذي أشتراه وبدأت أفكر أي لون أختار، أم أمزج عدة الوان؟

في النهاية فكرت في مزج درجات الأزرق والأخضر واللون الأبيض، لأن هذا هو علم المثليين

بدأت أرتب الخرز حتى أنتهيت من صنع العقد بالطول الذي أريد
"لا أعلم كيف أغلقه"
أخبرته وأخذ مني العقد ومرر الخيط في الناحية الأخرى من الخرز عدة مرات ثم قطعه بمقص

"الأن هو مغلق"
قال ثم أعاد لي العقد

أرتديته ثم تحركت لأنظر في المرآة الموجودة قرب الباب، انا من صنعت هذا!، ليست سيئة، وأشعر بالسعادة عند النظر إليه لأن به الوان علم ميولي الجنسية

"ما رأيك؟"
سأل عمار

"ربما صنع الأكسسوارت لنفسك هو شيئ ممتع حقاً!"
أجبته

عدت للنظر في المرآة، أقتربت لأنظر للعقد بشكل أوضح في أنعكاس المرآة وبينما أفعل لاحظت تشقق بسيط على الحائط بجوار المرآة

دفعت المرآة برفق وعندها رأيت ثقباً في الحائط، يبدو وكأنه مكان رصاصة

"فضولي جداً بالنسبة لفتى لا يقوم بأي شيئ غير التصوير"
سمعت صوته وعندها جفلت وكادت المرآة تسقط فوقي لكنه أمسك بها

أعاد المرآة لمكانها
"سأذهب لقاعة العرض، أتريد المجيئ؟"

"ربما لاحقاً"
أشعر بالأرتباك، متأكد أن ما رأيته هو أثر رصاصة

لماذا يوجد أثر رصاصة على جدار منزله؟

"هل ستفسر لي ما رأيته؟"
سألته

"ربما لاحقاً، عندما يصبح لديك حياة غير التصوير"

"لماذا تستمر بقول بأن لا حياة لي؟"

"لأنك كذلك، لا تفعل شيئاً غير التصوير ورؤية أسرتك، حتى عندما لاحظت شيئ غريب في عملك لم تفكر في أخذه بشكل جدي بل تجاهلته لأنك تثق ثقة عمياء بعائلتك"

"ماذا تقصد؟"

"أقصد الفتى الذي يحمل أسمك الثلاثي، هل انت غبي؟، كيف سيمتلك شخص أخر نفس أسمك ثلاثياً ولا يكون شقيقك؟"

"أتقصد أن عائلتي كذبت؟"

"هل يفعلون شيئاً غير هذا؟"
رد بنبرة ساخرة

"هل تعرف شيئاً عن عائلتي؟"

لماذا تحدث فجأة عنهم، ويتحدث بثقة، ما الذي يعرفه ولا أعرفه؟، ولماذا يتحدث عنهم بهذه الطريقة؟

"أكتشفه بنفسك أيها المصور، لدي موعد"
قال ثم تجاوزني وفتح الباب، يقوم بطردي لأخرج أولاً

خرجت ثم خرج وأغلق الباب

.

مستشعر ضوءحيث تعيش القصص. اكتشف الآن