# الأب وإبنته.
بعد مرور عدّة ساعات قليلة وصلت جميلتنا لمسكنها غاضبة حدّ اللعنة... دخلت للداخل وأخذت تجوب زوايا البيت باحثةً عن والدها ، فيخرُج لها أخيها الصغير لتنظُر له قائلة: " عمر!! أين أبي؟. "
أجابها ذلك الصغير ببراءة منه: " ما خطبك زينب؟ هل أنت بخير؟. "
إنفعلت قليلا وقالت: " أنا بخير!!!!!. "
حدّق بها بخوف ورهبة بعض الشيء لتُدرك بعدها أنّ نبرة صوتها إرتفعت وأخافت قلبه الصغير ، فعادت قائلة بهدوء بعد أن بلعت ريقها بصعوبة ثم تنفّست بعمق: " آسفة يا أخي... أعذرني أرجوك... أبي أين؟. "
أشار لها للغرفة المجاورة لهم ، فهمّت بالذّهاب إليها أملا بأن تستطيع إعادة المياة لمجراها... دخلت عليه فرحّب بها قائلا: " مساء الخير يا إبنتي! لقد عدّت باكرا اليوم؟ آمل أنّ كل شيء على ما يُرام؟!. "
أجابته ونبرتها إعتلت: " كلّا سيّد سليم أكتاشي ليس كلّ شيء على ما يرام!! الوضع سيء للغاية!. "
إرتفع من مقعده وهو قلق ليقول لها: " سيّد سليم؟ لابد أنّك غاضبة حدّ اللعنة!!! أنت لا تقولي إسمي إلا إن غضبتي! ماذا حصل زينب؟ ما خطب غضبك هذا؟!. "
ذرفت من عينها دموع وأكملت مُجيبةً إياه: " كل شيء يا أبي!!! كل شيء يضغط علي!! العمل يضغط عليّ وأنت تكذب علي وعلِمت هذا من الغريب قبل القريب!! لقد جرحتني يا أبي!! وأنا التي كُنت سعيدة أنّك غيّرت وأخيرا وظيفتك بعد خمس سنوات خدمةً بها؟ إتضح أنّك تعمّقت في المجال وبتّ تُدرّب المقاتلين بدلا من أن تكون مكانهم!!. "
إنصدم من معرٍفتها للأمر... ولكنّهُ لم ينصدم تلك الصدمة التي لا تُنسى... هوَ يعرف تماما مدى ذكاء إبنته وكيف يُمكنها أن تتفطّن لشيء كهذا... ولكنّهُ بنفس الوقت يجهل من أخبرها ولو علِم لإتخذَ تدابيرا... فإقترب منها بنيّة التخفيف عنها ليقول: " إبنتي!!! من الذي أخبرك بذلك؟. "
ضحكت بتهكم وسُخرية رغم دموعها الهاطلة: " أحقّا هذا ما يهُمّك الآن؟ من أخبرني؟!! هل تستوعب أنّك تؤدي بحياة رجل إلى الهاوية؟ أنت تُدرّبه صحّ!! هي رياضة صحّ!! ولكن ماذا لو مات يوما بداخل تِلك الحلبة اللعينة!!! هل ستفرَح يا ترى أم سيتآكل داخلك بسبب ضميرك المتمرّد؟! أنت تقود الرجل الى موته يا أبي!!! ماذا سنقول لوالدته؟ تلك المسكينة إن علِمت بموت إبنها الذي تراه ولا تعرفه!! مالذي سنقوله لها؟ او بالأحرى مالذي سأقوله لها أنا؟ كيف سأُصارحها بموت إبنها سيّد سليم تحدّث لِما تصمُت؟!!. "