# فرحة وحزن.
مرّت أيام على آخر الأحداث... جميلتنا لم تفارق غرفتها بتاتا لتقريبا يوم او يومين... مما أثار إستغراب والدها وبالأكثر خوفا وقلقا عليها... طرق عليها الباب ذات يوم ولم تستجيب... مما جعلهُ يطرُق مُجددا وما من إجابة.. أعطاها إذنا بالدخول ودخل... رآها جالسة على كرّسيّها المُقابل لمرآتها تقوم بتمشيط شعرها ورائحة عطرها تعمّ في الأرجاء... خاف سليم قليلا لأن إبنته تقوم بهذه الأشياء إن تضايقت او مرّ عليها موقف من المواقف العصيبة... هذا أن الوقت الحالي ليس وقت عملها لتتزيّن بهذا الشكل ، بل حتّى في العمل لا تتزيّن بطريقة جاذبة للأنظار هكذا... شيئا ما حصل!! هذا ما قاله قبل أن يقترب منها ويُمركزَ باطن يده على كتفها قائلا بحنيّة: " مهلا يا إبنتي.. هل أنت بخير؟ هل تشعرين... بشيء؟... "
أجابته ببرود وهدوء أخاف سليم بعض الشيء وهي تستمرّ في ترتيب شعرها الطويل الناعم الجميل الكثيف: " أنا..... إنني بخير يا أبي لا تقلق... "
ثم نظرت له من خلال المرآة وإبتسمت بأصطناع فأكملت... عرف أنّهُ هنالك ما يُضايقها فقرّر التصرّف بإسلوبه وطريقته الخاصّة... جذب منها فرشاة الشعر وأمسك بيدها ليذهب بها نحو السرير فتجلس عليه وهو ورائها... أخذ يرتّب شعرها بأصابعه الناعمة ويمشّطه في نفس الوقت... مما جعلها تجول بعينيها يمينا وشمالا متوترة بعض الشيء... فسمعت صوته الحنون الخافت وهو يقول ويسرد عليها: " هل تعلمين... أنت تشبهين تلك الأميرة التي كنت أحكي لك قصّتها قبل نومك... عندما كنت صغيرة... كلّما تضايقت من شيء ترمي بتوتّرها وحزنها في شيئٌ يُشغلها... تتأهب وتتزيّن ليس من أجل أن تخرج مع صديقاتها او غيره... بل لنفسها... كما أنها تحاول أن تخفي مشاعرها عن الجميع ولكنّها دوما تُكشف... أنصت لي يا عزيزتي... أنا والدك وأنت إبنتي... أنا من ساهمت في إنجابك وتربيتك أيضا... أعرف تماما أنك مشتّتة الآن... أعرف أنه هنالك شعوران بداخلك يتهاتفان من منهما يخرج أولا... هنالك شيئان يجدر بك البوح بهما ولكن... لن تفعلي... لأنك عنيدة وأعرف تماما أن عنادك قويّ للغاية لا يمكن كسره... أنت قد وقعتي في حُب شخصا ما... أجل لا تنظري لي هكذا ولا حتّى تفكري في الإعتراض لأنني أعرفك زينب... أنا ربيتك بيديّ هاتين! دعي التربية جانبا... أنت إبنتي هل تدركين هذه الكلمة؟ إبنتي يعني أعرفك حتّى أكثر من نفسك... "
فجأة ذرفت دموعها لا أراديا... حتّى مشاعرها فشِلت في كبتها وباتت تفضحها... إلتفتت لوالدها وعيناها تُخزّن كميّة كبيرة وعظيمة من الدموع... فبادر هو بمسحهم قبل سقوطهم قائلا بإبتسامة " أرأيت؟ كما خمّنت بالضّبط... وهل لي بتخمينا آخر؟ الشخص الذي تحبينه يقبع في سرير المشافي الآن... ماذا!! هل ظننتني أحمقا يا عزيزتي؟ هل تعتقدين أنني لم ألاحظ عليك تلك النظرات الهائمة وحتّى زيارتك له كلّ ليلة بينما الناس نائمة؟ حسنا لن أقول إسمه لكيلا توبّخيني... ولكنّهُ مؤكدا محظوظ بك!. "