# ذكرَياتٍ سيّئة.
مرّت أيام أخرى والقلوب التي أعلنت حروبها وعصيانها على بعضها بعيدة أشد البُعد عن بعضها... إتصل هيور بزينب ليُخبرها بموعد لقائها مع المدير من أجل توظيفها... فلبِست أفضل ما لديها متستّرة جيّدا كما تفعل دوما... وضعت القليل من مساحيق التجميل بل لا تاكد تُرى او تُميّز أساسا... ثمّ ركبت سيّارتها وغادرت منزلها ووالدها يلوّح لها مُبتسما خارجيّا... حزينا داخليّا على إبنته وما تمُر به... أما هي فإنطلقت ولا زال الحُزن مسيطرا عليها تماما... مما جعلها أسيرة التفكير... وصلت بعد مدّة لذلك المشفى الضخم... حينما دخلته دبّت الحركة به... الممرضات والأطباء والمستشارين والمرضى والنّاس جميعا... يمشون وكلٌّ مُلتهيا بعمله... إبتسمت بهدوء محاولةً الإسترخاء... تقدّمت أكثر نحو مكتب المدير وهنا رأت هيور الذي إبتسم ورحّب بها ترحيبا حارّا ليقول: " مرحبا بك أختي زينب... مثلما وعدّتك... المدير إسمه سيغورد وهو إبن عمّي... إنهُ في المكتب ينتظرك... هل أنت مستعدّة؟. "
ردّت عليه بإبتسامة خفيفة: " بالتأكيد... يعني لولا التوتر والإرتباك. "
ضحك عليها بخفّة وقال: " لا تقلقي... إنهُ رجل لطيف للغاية ومتفهّم كثيرا. "
ألقت بوجهه إبتسامة عاديّة جميلة ورسميّة كذلك... ففتح الباب وهُنا الصدمة التي تجلّت على وجوه كليهما... الذي كان يجلس متربّعا كرسيّ المدير هو شخصا تعرفه زينب جيّدا... ويجهله هيور... ذرفت عينيها دموعا وملامحها حادّة من الغضب والقهر لملاحقته لها حتّى هنا.... أما هيور فكان الإستغراب يجوب ملامح وجهه من هذا الشخص الجديد في الغرفة... ليسمعاه كليهما وهو يقول مُبتسما وينظُر لزينب التي بالفعل خارت قواها في ذلك الموقف الذي لا تُحسد عليه... بالإضافة الى عظامها اللاتي لم تعودا تحملانها: " أهلا... أضعتم الطريق يا رفقة؟ وأنت يا زوجتي الجميلة؟. "
زينب بتلك اللحظة تتمنّى لو تنقسم الأرض لنصفين وتبلعها ولا تنظُر لوجهه!!!! رأته ينهض من مكانه ويقترب منها... ما إن إقترب ليقول بإبتسامة دبّت الرعب في قلبها: " السابقة! زوجتي الجميلة السابقة... كيف حالك؟ كيف حال شعرك الحريريّ الجميل ذاك؟ ألم تقصّيه بعدما عشته بسببي؟. "
ردّت قائلة بصوت خافت يغلِب عليه الضعف والألم: " تبا لك.... ماذا تُريد بعد من حياتي أيها الوقح؟!. "
أراد الردّ عليها ولكن هيور قاطعه بحدّة: " أين سيغورد؟. "
نظرَ له قائلا بسُخرية: " ومن أنت؟ أمير أمراء إنجلترا؟. "
رأى هيور إسمه مطبوعا على مكتبه فإقترب منه وقال وعينيه حادّة للغاية بوجهه: " أين سيغورد يا سيّد فادي؟. "