الفصل الاول (ايام مضت)
عندما دخلت كاثرين الى الشقة كانت مقطبة الجبين و متوترة و القت التحية على والدتها و شقيقها ببرود ثم دخلت غرفتها و تهاوت على الاريكة مسندة ظهرها على الوسادة و تناولت مجلة و قلبت صفحاتها على عجل عدة مرات و دون تركيز و بطريقة عصبية, نظرت الى اميليا و هي تدخل الى غرفتها و تتطلع بها بتفحص ثم نظرت الى يديها اللتان تتصفحان المجلة بدون هدف و سألت بقلق: "أ من خطب كاثرين؟"
اجابت بشرود: "نعم................... هناك مشكلة"
جلست اميليا و تأملتها بعينين زرقاوين هادئتين و قالت بنبرة هادئة: "اذا واجهنا مشكلة ما يا كاثرين............... يجب ان نفكر بروية و ليس بالعصبية و الانفعال الذي انت فيه الان"
كاثرين و بأستياء: "ستكون الرحلة مساء اليوم الى اسبانيا........... ليست هذه هي المشكلة.... المشكلة تكمن في العودة"
رفعت اميليا حاجبها الاشقر منتظرة منها المواصلة.............. كاثرين و بضيق: "لقد تصفحت قائمة اسماء الركاب................ كان من بينهم....... اسم............. مايكل فراداي"
قطبت اميليا جبهتها و ضاقت عينيها و بقيت صامتة..................... هي و بانفعال: "حاولت الاعتذار عن تلك الرحلة...... لكن هذا محال................ قبل اسبوع اخذت اجازة بسبب الوعكة التي اصابتني و قانون الاجازة لا يسمح بأخذها بهكذا وقت قريب............... تعلمين يا امي........ اردت ان اترك العمل........... فكرت بذلك لكنني تذكرت مدى الصعوبة البالغة التي واجهتها حتى حصلت عليه و بهكذا اجرا مناسبا.......... و فكرت بصعوبة ايجاد عمل اخر و بفترة قريبة.......... ونحن بأمس الحاجة الى المصاريف لإيجار الشقة و تعليم ديفيد ............... لا اود ان اراه ابدا...... بعد كل هذه السنين"
نهضت اميليا و تطلعت خلال النافذة و احاطت جسدها النحيل بذراعيها ثم قالت بتوتر: "اعلم ان ذلك صعبا عليك....... لكن .......... واجهي الامر يا كاثرين....... و تذكري ان قصتك مع ذلك الرجل مرت عليها الاعوام هذا يعني انه شيء من الماضي.......... و الماضي عليه ان يكون في طي النسيان............. و انت نسيت الامر.......... هذا الرجل بات غريبا عنك و لا يمت اليك بصلة و ان كان يوما ما........ زوجك............ زاولي مهنتك يا ابنتي و ركزي بعملك دون اعارة اهمية له............... تعاملي معه و كأنك ترينه لأول مرة بحياتك"
فركت كاثرين يديها و قالت بانزعاج: "لكن ما فعله معي كان قاسيا.............. لطالما تمنيت ان اراه يوما و اسأله سؤالا واحدا بقي يحيرني كل تلك السنوات.......... لماذا تركتني؟.......... ما الذي فعلته معك؟"
التفتت اميليا اليها و قالت بسرعة: "اياك و فعل ذلك....... لا تذلين نفسك امامه......... و لا تقلبي صفحات الماضي معه.........أ نسيت مدى الجرح الذي سببه لك؟......... نسيت ليالي الدموع و الحزن التي قضيتها بغيابه؟..........عليك الان ان تكوني صلبة و متحجرة اتجاهه"
هي و بهدوء مصطنع: "انا نسيته و نسيت المشاعر التي كنت اكنها له يوما.......... كلما بداخلي الان هو الحقد لذلك الرجل......... و اكثر ما يغيظني انني سأضطر لرؤيته......... سؤالي له مجرد امنية بداخلي لكن مستحيل ان اسأله و اضع نفسي بهكذا موقف امامه.......... سيظن اني لا زلت افكر به"
اميليا و ببرود: "مرت اعوام يا كاثرين و بالتأكيد هو ايضا نسيك تماما و ربما لديه عائلة و اطفال الان............. حقيقة يا ابنتي كان مايكل لا يناسبك كان شابا عابثا و غير مسئول....... تذكرين الاشهر القليلة التي كنت فيها زوجته؟........... كيف كانت حياتك معه؟..........كلها مشاكل بسبب طباعه الغليظة و غيرته المفرطة.......... سبعة اشهر زواج ...... كلها اهمال لك و استخفاف بك و لم يصدق ان فرصة عمل اتته حتى رحل دون ان يفكر بك و بطفلك و بدلا من ان يبعث لك رسائل اعتذار و ندم او حب و اشتياق فاجأك برسالة يطلب فيها انهاء كل شيء بينكما و التخلص من الجنين لأنه لا يفكر بالعودة بعد........... لقد رأى مصلحته هناك و جرى خلفها"
خفضت بصرها و وضعت يدها على جبهتها و واصلت اميليا بأستياء: "شكوكه غيرته مشاكله التي لا تنتهي............ لا ادري كيف رضيت ان تتزوجين به رغم معارضتي و رغم وضعه المادي البائس.......... منذ البداية و اول مرة التقيته فيها و هو لم يعجبني و لم تعجبني اخلاقه و وضعه و هو مطرود من قبل عائلته............. حاولت ان امنع ذلك الزواج الا انك اصريت و تزوجتما رغما عني............ رأيته عابثا و متهورا و متورط بالديون و غير ناضج كفاية و ضعيف ماديا.......... كم خلق المشاكل مع ابن عمك اليكس ......... غيرته عمياء يغار منه لأنه غني و مرموق اجتماعيا............. اذا ذكرت لك عيوبه سوف لن يسعنى الوقت يا كاثرين............ تذكري كل ذلك عندما ترينه هناك و حاولي ان تظهري له مدى احتقارك و عدم اكتراثك به"
اومأت ببطء و قالت بتفكير: "انت لا تعرفينني جيدا يا امي.............. فأنا بقدر ما كرهته و حقدت عليه اصبحت لا ابه حتى للانتقام منه............... لا اريد معاتبته و لا الانتقام منه........... اريد فقط الابتعاد........... لماذا القدر يجمعني به مجددا و اضطر لرؤيته لمدة اسبوع كامل.......... لا تنسي يا امي انني موظفة في تلك الباخرة و مسؤوليتي الاهتمام بالركاب و زيارة غرفهم يوميا.............. ليته يكون مجرد تشابه اسماء"
اقتربت اميليا و امسكت يدها قائلة بتشجيع: "ليكن موجود هذا لا يهمك يا كاثرين........... غير مهم........... لقد اختلفت حياتك......... سابقا كنت صغيرة و غير واعية للحياة جيدا........... قلبك جرح و صدم من قبل ذلك الرجل.............. الان اصبحت لديك الخبرة بالحياة و تغيرت و عرفت كيف تتعاملين مع الناس و اصبح لديك اصدقاء و معارف......... و حبيب............ مايكل هذا مجرد ماضيا و سرعان ما سينتهي الاسبوع و يذهب الى سبيله.............. لا تدعيه يؤثر على حياتك هكذا............. مفهوم؟"
اومأت موافقة و في عينيها الخضراوين ذات الاهداب البنية نظرة حزن و قلق.
دخل ديفيد و قال بلهفة: "دعيني ارافقك في هذه الرحلة............ اود رؤية اسبانيا"
هي و بأبتسامة: "اولا عندما نصل الى اسبانيا سنمضي يوما واحدا فقط و نضطر للعودة ........... هذا يعني لا يوجد لديك وقتا كافيا لرؤية البلاد جيدا............ ثانيا لقد عذبتني يا ديفيد عندما اصطحبتك في الرحلة السابقة و وجدت الرحلة مملة............. ثالثا"
قال مقاطعا و بحزن: "اعدك الا ازعجك مجددا........... كاثرين ارجوك.............. ستنتهي عطلتي في بداية الشهر القادم و اود ان اسافر هذه المرة معك......... ارجوك"
تطلعت به و قالت بسرعة: "حسنا هيا ايها الكابتن.......... اذهب و جهز حقيبتك فعند تمام الثامنة سنباشر الرحيل"
انتهى الفصل
أنت تقرأ
الجرح الصامت الجزء السابع لسلسلة قلوب منكسرة لكاتبة هند صابر
Romansaنهضت اميليا و تطلعت خلال النافذة و احاطت جسدها النحيل بذراعيها ثم قالت بتوتر و ضيق: " اعلم ان ذلك صعبا عليك ............... لكن............ واجهي الامر يا كاثرين و تذكري ان قصتك مع هذا الرجل مرت عليها الاعوام .............. هذا يعني انه شيء من الماض...