دخلت المنزل و كان الباب مفتوحا على غير العادة، فوجدت والدي هناك، استغربت من ذلك لأنه لطالما اعتاد على التأخر في العمل ، ثم سألته:" أبي، ليس من عادتك العودة إلى المنزل باكرا. هل حدث شيء ما؟"
توتر أبي بعض الشيء و أجاب:" لا... يا ابنتي، لقد فكرت بأنني لا أقضي معكم الكثير من الوقت، و هذا يجعلك أنت و أمك معرضين للخطر و دون حماية. لذا فكرت بأن أتخلى عن بعض الساعات الإضافية في العمل من حين لآخر، و بذلك سأكون مطمئنا عليكما أكثر."
_" هكذا إذن. لا تشغل بالك يا أبي، فأنا و أمي نستطيع تدبر أمرنا وحدنا. لكن سيكون من الرائع حقا أن نقضي وقتا أطول معك!"
_" مهلا! ما الذي حدث لعينك يا ابنتي، هل أصابك شيء ؟" نظرت إلى أمي لأنني كنت أدرك بأنها ستوحي إلي بإشارة تحذير كي لا أخبر أبي، لكنني لم أكن أنوي إخباره منذ البداية، لذلك أجبته قائلة:" لقد أصبت بالكرة عندما كنت أحضر مباراة ودية بين فرق الاولاد. ليست بالشيء الجليل. الأهم من هذا، لدي لك سؤال يا أبي، هل تعرف عائلة اسمها عائلة الديجور؟" انصدم أبي من سؤالي لسبب ما، و بدى عليه توتر شديد" م..من أين أتيت باسم ه...هذه العائلة؟" فكرت في نفسي قبل إجابته:" لا يمكن أن أخبره بأن جدتي هي التي أشارت إليها في الحلم، من الأحمق الذي سيصدق هراء مثل هذا ؟ في الحقيقة لقد صدقني آزاد، لكن هذا لأنه يثق بي. المهم، سأخبره بشيء معقول أكثر." ثم أجبت :" لقد سمعت بعض الفتيات يتحدثن عن هذه العائلة، و قد كانتن مندمجات جدا أثناء الحديث عنها. و بما أني ليس لدي صديقات، لم أستطع أن أسألهن، لذا هل سمعت عنها من قبل؟"
_" لا.... لم أسمع عنها أبدا، ربما كان اسم عائلة في مسلسل أو برنامج ما. لا تفكري كثيرا في أشياء تافهة كهذه. و الآن هيا لنتناول العشاء كي تأخذي قسطا من الراحة. " شعرت بالخيبة من إجابة أبي، لكن لم أرد أن أظهرها على وجهي كي لا أثقل عليه بينما يضحي بساعات عمله من أجل حمايتنا.
* نظرة خارجية *
في هذه الأثناء، كان آزاد مستلقيا على سطح منزله، يتذكر حادثة أخته الصغيرة التي أدت إلى وفاتها قبل سنتيتن. كان يحب أخته كثيرا ، و كانا يمضيان معا أسعد الأوقات، لكن شاء القدر أن يفارقهما بسرعة._" منذ اليوم الذي ماتت فيه أختي، و أنا أشعر بفراغ كبير في قلبي. لكن عندما التقيت بأماليا، وجدت فيها لمسة من أختي الصغيرة سولار.... ربما لذلك حاولت أن أخاطر بحياتي من أجلها في ذلك اليوم.... لم أرد أن أرى شخصا آخر يموت و أبقى مكتوف اليدين... يبدو أنها تمر بنفس تجربتي مع جدتها الميتة ،لا بد من أنها اشتاقت إليها كما أشتاق إلى أختي الآن..... يجب أن أخبرها عن هذه الواقعة، فهي تثق بي و تخبرني بكل شيء. ليس من العدل أن أبقى الوحيد المتحفظ على أسراره." عندما انتهى آزاد من كلامه مع نفسه و كان على وشك العودة إلى غرفته، سمع صوت أخته يناديه من بعيد :" آزاد... آزاد... أرجوك تعال إلي". شعر آزاد بالقشعريرة في جسده ، ثم التفت بسرعة إلى مكان الكوخ الجبلي و قال في نفسه:" هل هذا صوت أختي قادم من الكوخ؟..... لا بد من أنني أتخيل." ثم تذكر كلام أماليا عن أمها:" لقد قامت بحادثة سير لأنها سمعت صوت جدتي يناديها أثناء القيادة"
" لا بد أن أذهب و أتحدث مع أماليا."
اتصل آزاد بأماليا و هكذا كانت المحادثة بينهما:
آزاد:" مرحبا"
أماليا:" مرحبا"
آزاد:" فوجئت لقد رددتي بسرعة."
أماليا:" بالطبع، فقد كنت أنتظرك. "
آزاد :" هكذا إذن.... آمم، لدي شيء لأقوله لك."
أماليا:" و أنا أيضا، لكن ستبدأ أولا."
آزاد :" آسف لأنني لم أخبرك من قبل... لقد كانت لدي أخت صغيرة اسمها سولار تبلغ من العمر 10 سنوات، كانت تحب استكشاف الغابة المجاورة و جمع الأحجار النادرة و التقاط صور للحيوانات التي تسكنها و النباتات الغريبة. لكن في إحد الأيام الصيفية، طلبت مني المساعدة في حمل بعض المعدات لكوخ قريب في الغابة اتخدت منه مستودعا لتخزين أعمالها، لم يكن أحد يعلم بشأن ذلك الكوخ و لم يكن في نيتها إخباري بمكانه، لكنها اضطرت لطلب يد العون، و أنا رفضت هذا الطلب بحجة أن الحرارة مرتفعة جدا و غير قادر على مفارقة المكيف. و في تلك الليلة لم تعد سولار إلى المنزل أبدا. انطلقت و عائلتي و الجيران للبحث عنها، لكن دون جدوى. و في صباح اليوم التالي، أخذت غفوة صغيرة تحت شجرة الصنوبر التي اعتدنا على قضاء معظم أوقاتنا تحتها ، و في تلك الغفوة حلمت بأختي تقول :" أنقذني... أنا في الكوخ المهجور في قمة الجبل". استيقظت مفزوعا، ثم سألت الجيران بإرشادي إلى كوخ ما موجود في الجبل. و عندما وصلت، وجدت سولار هناك ميتة بسبب لدغة أفعى. حملتها إلى السفح آملا ألا يكون السم قد قتلها، لكن الأوان كان قد فات بالفعل. و منذ ذلك اليوم، و أنا أتذكرها بين الفينة و الأخرى. لذلك أخذت مبدءا في حياتي، و هو مساعدة الجميع أينما طلبوا مني ذلك، فلو قبلت طلب أختي في مساعدتها ذبك اليوم، لربما استطعت حمايتها من الأفعى"
_"هكذا إذا، أنا آسفة جدا من أجل أختك."
_" أماليا... أنت تذكرينني بأختي كثيرا... رغم أنكما مختلفتان تماما إلا أنني أشعر برابطة بيننا كتلك التي جمعتني بسولار... ربما هذا ما جعلني أرغب في مساعدتك بشدة، لم أرغب في خسارتك كما خسرت أختي."
_" هذا حقا من دواع سروري... أنا سعيدة لأنك أعطيتني محلا كمحل أختك."
ساد صمت قاتل لعدة ثوان ثم كسره آزاد قائلا:" عندما أفكر مليا في الأمر، أجد بأننا عشنا نفس التجربة، إذ أن كلينا تم إرشاده من طرف شخص عزيز عليه قد مات ."
أماليا:" معك حق! ألذلك لم تشك في صحة ما قلته عندما أخبرتك عن جدتي؟"
آزاد :" أجل... لكن الأهم من ذلك، سمعت هذه الليلة أختي تناديني، ظننت لوهلة بأنني أتخيل، لكن تذكرت بأن أمرا مشابها حدث لأمك."
أماليا :" أيعني هذا بأن مخلوقات الظواهر الغريبة تريد أن تفعل بنا شيئا، و بأن التواصل بينها و بين البشر ممكن عكس ما يقال في الإعلام؟"
آزاد :" تماما، أظن أنهم يخططون لشيء ما لكن الإعلام يخفي ذلك عن العامة كي لا تسود الفوضى.... لقد انتهيت يمكنك أن تبدءِ كلامك."
أماليا:"لقد سألت أبي عن عائلة الديجور، لكنه لا يعلم عنها شيئا. أما كتاب صوت الأساطير القروية، فلم أجد بعد أية قصة تبدو مشابهة لما نمر به الآن. و بالتالي فلا تقدم في بحثنا هذه الليلة. أنا مستاءة جدا لذلك..."
آزاد: " لا عليك، لقد بدأنا للتو، كما أنك أنجزت عملا جيدا في البحث عن الكون الموازي، فبذلك أصبحت الأمور أوضح بعض الشيء. "
أماليا :" أجل معك حق، ما زال أمامنا الكثير لنكتشفه ( ثم سمعت صوت أمها قادمة) يجب أن أقفل الخط الآن. فأمي قادمة إلى غرفتي. وداعا "
آزاد : " وداعا"أغلقت الخط و ذهبت إلى فراشي بسرعة. و عندما فتحت أمي الباب و جدتني مستلقية على السرير لذا ظنت بأنني نائمة. سمعت خطوات أمي على الدرج و هي تهبط إلى الطابق السفلي، ثم تساءلت عن سبب استيقاظها في هذه الساعة المتأخرة. لكنني توقفت عن التفكير كي أنام جيدا و أستعد لإكمال البحث غدا. و حالما اغمضت عيني، حلمت بجدتي من جديد و هي تحاول إقاظي و تخبرني بالذهاب إلى الطابق السفلي. استيقظت مذعورة، ثم تسللت من غرفتي ببطئ و نزلت من الدرج نحو غرفة الجلوس. و رأيت أبواي جالسين و يتحدثان بنبرة جدية.
ساجي : " شهد ، ناوليني بعض القهوة أولا قبل أن نتحدث، فذهني مشوش و أنا غير قادر على التركيز..."
شهد:" حالا.... ماذا سنفعل الآن؟ ماذا لو وجدت معلومات عن عائلة الديجور ؟"
ساجي:" لا أدري حتى من أين سمعت بهذا الاسم. لقد قمنا بقصارى جهدنا كي نمحوه لكنها الآن وجدته بطريقة ما.... لقد انهار كل ما خططنا له فجأة.... لماذا يحدث هذا ؟"
شهد:" لا أدري ما الذي سيحصل لنا من الآن فصاعدا؟ و أي خطوة سنتخذ؟"
ساجي :" أظن بأنه حان وقت إخبارها بالحقيقة.."
شهد :" لا تكن ساذجا ، هل تريد أن تخبرها بما سعينا جاهدا لإخفاءه لمدة 20 سنة؟"
ساجي :" لم يبقى أمامنا حل آخر، إذا اكتشفت الحقيقة من مصدر آخر، ستغضب علينا و لن تصدقنا مهما بررنا لها الأسباب التي دفعتنا للقيام بذلك. أخشى أن تصاب بصدمة نفسية أو تفقد الثقة بنا فتهرب من المنزل"
شهد:" لن أسمح لك بفعل ذلك أبدا، هذا يجعلنا في خطر محدق."
ساجي :" عن أي خطر تتحدثين؟ أعلم بأننا سنكون مهددين نوعا ما لكن ما دمنا هنا في هذه المدينة البعيدة فلن يصيبنا شيء "
شهد:" و هل نسيت أمر آزاد ...؟"
ساجي :" يا إلهي، لقد نست أمره تماما. يبدو أنه علينا الانتقال من هذه المدينة."
شهد:" تماما! هذا هو أنسب حل ، ستعود حياتنا إلى الاستقرار مجددا بعد اتخاذ هذه الخطوة."
لم أستطع تمالك نفسي عندما سمعت أبوي يقولان هذا، فاندفعت و الدموع تملأ وجنتاي:" هذا مستحيل! أنا لن أترك هذه المدينة أبدا أبدا، حتى و إن ذهبتم سأظل هنا مع آزاد. آزاد صديقي الوحيد، بل إنني أشعر به كأخ لي تماما، إن لم تتقبلوه فهذا يعني بأنكم لم تتقبلوني أنا أيضا. ناهيك عن أنكم تعلمون بشأن عائلة الديجور لكنكم كذبتم علي و ادعيتم بأنكم لا تعلمون شيئا! " ثم أسرعت بالعودة إلى غرفتي و أنا أبكي خشية أن أتفوه بكلام أكثر من ذلك و أجرح والداي. فنادتني أمي:" أماليا تعالي إلى هنا أرجوك..." ثم انهارت بالبكاء . سمعت أبي يقول لها :" اتركيها لوحدها بعض الوقت، فهي الآن تمر من حالة صعبة ."
VOUS LISEZ
الذكريات المحرمة || The Forbidden Memories
Fantasyمن كان يظن يوما أن ظاهرة طبيعية كسقوط النيازك ستؤدي إلى حدوث ظواهر غير طبيعية في عالمنا؟ صرخات من الجحيم، أموات ينادون الأحياء، مخلوقات غريبة تحاول الاستحواذ على الأجسام .... كل هذا و أكثر يعيشه بطلا قصتنا أماليا و آزاد في محاولة منهما لاكتشاف الس...