الذكريات المحرمة || The Forbidden Memories

نصف الخريطة المفقود●

" بسم الله الرحمان الرحيم، الحمد لله رب العالمين، الرحمان الرحيم..." استيقظت على صوت العجوز و هو يصلي جهرا، و عندما التفت إلى جانبي رأيت ابريقا آخر من الشاي فوق الموقد، إن سكان المغرب مولعون حقا بالشاي و يحبونه حبا جما !
عندما قام العجوز بتحية السلام يمينا و شمالا، رفع يديه إلى السماء و بدأ بالدعاء. لم أدر ما الذي دعى به بالطبع لأنه كان يتمتم بصوت خافت جدا. ثم لمَّ السجاد عند انتهائه و التفت إلي قائلا :" أتمنى أن تكون قد أخذت قسطا كافيا من الراحة؟ هل تشعرين بأنك قادرة على البدء في العمل؟ "
" أجل "
" حسنا، سأناولك كوبا من الشاي لتشربيه أثناء مسيرتنا، لأننا سنذهب إلى مكان بارد بعض الشيء و ستكونين في حاجة للتدفئة"
مسيرة؟ مكان بارد؟ هل سنخرج من الكهف؟
ناولني العجوز الشاي في نفس كأس زجاج البلار الأخضر المزخرف بالأصفر، ثم أضاء شمعة في الشمعذان الذي كان يحمله بيده ، ثم قال لي:" هيا اتبعيني !"
فتح العجوز بابا من الأرض كانت مخفية تماما عن الأنظار، فلاح منها درج لا تظهر نهايته بسبب حلاكة الظلمة. نزلنا من على الدرج ثم سألني:" هل التقيت بانعكاسك من قبل ؟"
" أجل فعلت ."
" هل هي شريرة ام طيبة؟"
"إنها شريرة."
تنهد العجوز ثم قال :" ادري بأنه ليس خطأك، لكن انعكاسك شريرة بسبب أفكارك المشبعة بالسلبية التي كنت تحملينها عن العالم، فأفكارك التي تقمعينها بداخلك جعلت انعكاسك سيئة الطبع، فهي اسم على مسمى "انعكاسك" أي انعكاس أفكارك الداخلية."
هذا الكلام يشبه شيئا أخبرتني به الفتاة الطيف. إذن انا التي جعلتها على ذلك النحو؟
" يا جد، هلا أخبرتني لماذا لم يكن يجب على المرآة أن تنكسر؟ أو ما دورها ؟"
" لا أخفِ عنك علما يا بنيتي، فأنا لا أدري شيئا عن المرآة غير أنها يجب ألا تنكسر... بما أنك قد وصلت إلى هنا، فلا بد من أنك حللت الأحجيات المكتوبة في القصة."
" يمكنك قول ذلك، إلا أنني لم أكن لأفعل ذلك لولا مساعدة من روح جدتي، أو ربما انعكاسها لا أدري."
" جدتك؟ حسنا فهمت.... لا بد من أنك لا زلت تبحثين عن حل لآخر جزء من الأحجية ، و الذي يتعلق بنجم الشمال ."
" و هو كذلك !"
" حسنا، لم أكن لاتوقع منك حلها، لأن هذا الجزء بالضبط له خلفية دينية... " توقف الرجل عن الكلام فجأة و رفع يده نحو الجدار ليكشف بضوء الشمعة عن قطعة من القماش الأبيض المائل إلى الصفار، رسم عليه ما يشبه الخريطة. " ها نحن ذا يا بنيتي! لا أدري من صنع قطعة القماش هذه، و لا المكان الذي تدل عليه هذه الخريطة، لكن كل ما أدريه هو أن هدفي من الحياة قد اكتمل و الذي يتلخص في حراسة هذه الخريطة إلى أن تأتي المختارة و أقدمها لها. "
كانت الخريطة غاية في الروعة، فكمية الدقة و الاتقان فيها غير معقولين. خريطة طرزت بخيط بني رفيع على قطعة قماش طولها يعادل الخمسة أمتار و عرضها ثلاثة.
و لكن المفاجئة الأكبر، هي عندما امعنت النظر فيها لوهلة، لأكتشف بانها تبدو كنصف الخريطة المنقوشة في قاعة العبور.
قطع الجد حبل أفكاري قائلا :" هل تدرين ما يجب عليك القيام به الآن؟"
" أجل "
" جيد ، إذن دعيني اشرح لك الجزء الاخير من الاحجية. في الإسلام، نؤمن بأنه من علامات نهاية العالم، إشراق الشمس من الجهة التي اعتادت أن تغرب منها، و هكذا يصبح الشرق غربا، الغرب شرقا، الشمال جنوبا و الجنوب شمالا. أما بالنسبة لنجم الشمال، فهو مجموعة مكونة من سبعة نجوم. كل نجم يحكمه ملك من ملوك الجن السبعة: ميمون، شمهروش، مرة، سنديا، برقان، الابيض و الاحمر. أن أكثر ملك الجن مقربة من الجنس البشري هو ميمون، إذ انه يعد المشرف الروحي لطائفة غناوة التي ما لبثت تحكي قصصا عن شهامته و تؤلف عنه الاغاني للتودد له، بل و يقومون بطقوس معينة من " الحضرة" و المذابح في أيام معينة من السنة كليلة المولد النبوي الشريف، شهر شعبان أو ليلة القدر، بهدف التودد إلى الجن و طلب المساعدة منهم اما في شفاء المرض أو جلب الحظ السعيد أو الرزق الوفير. و بالنسبة لأي شخص مسلم فسيعلم بأن ما تقوم به هذه الطائفة خطأ، و أن التضرع لشيء آخر غير الله لهو شرك و إثم عظيم سيعاقبون عليه أشد العقاب يوم الحساب. و المعلومة التي سأعطيك اياها الان لا تمت للاسلام بصلة، بل هي فقط تأويل المعلم الاول لحل الأحجية، هي كالتالي: بما ان الجن تحكم كل نجم من نجم الشمال ، و هاته الجن تقوم بأفعال سيئة، فهذا يجعل نجم الشمال مكروها، لذا يجب عليك أن تذهبي عكس اتجاهه اينما رأيته. "