وقفت و الكتاب بيدي، ثم نزلت الدرج متجهة نحو السيدة سيليستيا، فوجدتها تعد العشاء في المطبخ ثم خاطبتها:" أيتها العمة.... بخصوص اقتراحك السابق، أخشى أنني لن أستطيع المكوث معكم. أنا ذاهبة إلى المنزل و ربما لن أعود لمدة طويلة ، لذلك اعتني بآزاد في غيابي من فضلك... "
_" على رسلك يا ابنتي، ما هذا الكلام المفاجئ؟ انتظري فقط ليجهز العشاء و تأكلي ثم اشرحي لي ماذا يجري ."
_" لا يا عمة لا أريد إتعابك، لقد قمت بالكثير من أجلي بالفعل."
_" لا تقولي كلاما سخيفا كهذا، لقد حضرت العشاء بما يكفينا مسبقا ، إذا لم تتناوليه سوف نهدر نصيبك من الأكل. اذهبي و اجلسي على الكنبة ريثما يجهز الطعام لقد أوشكت على الانتهاء ". لم أستطع مجادلة السيدة سيليستيا أكثر من ذلك، لذا ذهبت إلى الكنبة و سرعان ما وجدت نفسي سارحة في أفكاري:" كيف ستكون تلك الأرض ؟ و من أين الطريق إليها ؟ و هل سأكون قادرة حقا على إرجاع التوازن و روح أخي؟..... " كلها كانت أسئلة مبهمة تمنع عقلي من الاسترخاء و الشعور بالراحة ، فأنا على وشك بدإ رحلة نحو المجهول ، لا أدري كيف ستنتهي و لا من أين ستبدأ ، لا أدري ما الذي سيواجهني في طريقي من عقبات و مشاكل و مدى قدرتي على تجاوزها. و في خضم هذه الفوضى التي تملأ رأسي، قطع صوت العمة حبل أفكاري بندائها لزوجها من أجل تناول العشاء، ثم وضعت الصحن على المنضدة أمامي. بدأ الجميع بالأكل في صمت ، و لم ينطق واحد منا و لو بكلمة. و بعد ان انتهينا نظفت العمة الصحون بمساعدة مني ثم أخذتني إلى غرفة آزاد. تعجبت عن سبب أخذها لي إلى هناك ، ثم بدأت الحديث قبل أن أستطيع طرح سؤالي" لقد كنت أحب آزاد كثيرا، حتى بعد أن رزقنا بابنتنا بعد سنتين لم تتغير مكانته في قلبي أبدا. لقد أدخل السرور و البهجة إلى منزلنا الذي كان كمقبرة مقفرة. لم أجد صعوبة في تربيته أبدا، فقد كان ولدا مطيعا و حنونا جدا ... ربما كان هو السبب في استطاعتنا إنجاب سولار لأننا تخلصنا من ضغوطاتنا النفسية بفضله . الآن أخبريني يا بنيتي لماذا أوصيتني بالعناية بآزاد و كأن ما يمر به ما زال مطولا؟" توترت و لم أعرف كيف يجب أن أتصرف، لكن العمة سيليستيا قالت:" لا تكذبي علي يا ابنتي، سأحاول تقبل الواقع مهما حدث......أشعر بأن هنالك شيء آخر أصاب آزاد و هو ما يمنعه من الاستيقاظ .......مستحيل لابني أن يفكر في ارتكاب حماقة مثل الانتحار."
تلعثمت الكلمات في فمي، لكن بعد تفكير عميق قررت أن أفشي الحقيقة لها لأنها تعي مسبقا بأن ما يحدث لآزاد خارج عن الطبيعة" في الحقيقة يا عمة، كلامك صحيح. ما يمر به آزاد الآن أصعب من أن يكون محاولة انتحار. "
_" إذن اخبريني ارجوك، ما الذي يجري؟ أشعر بأن شيئا هنا ليس في مكانه.... كما أنني مؤخرا بدأت أسمع صوت ابنتي الراحلة تناديني كل ليلة، ثم سرعان ما حدث هذا لآزاد. هل هناك علاقة بين الواقعتين؟" تفاجأت عند سماعي لكلام العمة، فيديو أن انعكاس سولار لم يكن يستهدف آزاد و حده بل العمة سيليستيا أيضا.
شرحت للعمة ما يجري و بعد نصف ساعة من الحديث قلت :" لكن لا تقلقي على آزاد أبدا ، قسأسترجع روحه بأي وسيلة كانت. هذا وعد مني. "
_" ألهذا يا ابنتي أخبرتني بأنك ذاهبة و قد لا تعودين في وقت قريب ؟"
_"... أجل ! " ثم أمسكت بيدي و قالت :" لا أدري كيف ستعيدين روح آزاد لكن أرجوك افعلي ذلك ( اغرورقت عيناها ) آزاد هو أملي الوحيد للبقاء على قيد الحياة " ثم اغرورقت عيناي أيضا لذا طأطأت رأسي كي تغطيهم غرة شعري :" أعلم ذلك جيدا ، فآزاد أملنا جميعا.." ثم احتضنتني و قالت :" أتمنى أن تعودي إلينا سالمة. و عندما تعودين سوف تعيشين معنا كأسرة واحدة. رافقتك السلامة. "
_" شكرا لك..... وداعا "
ثم خرجت من المنزل و الكتاب بين يدي. كانت الشمس مشرقة لذا توجهت نحو المكتبة العامة للبحث عن أي دليل يقودني إلى الأرض المخفية التي أبحث عنها.
دخلت المكتبة و أنا متفائلة بإيجاد رأس الخيط الذي سيصلني ببداية الطريق نحو الأرض المذكورة في كتاب صوت الأساطير القديمة. فكرت في التواصل مع جدتي بطريقة ما و طلب الإرشاد منها لكن بعد محاولات بائسة ظننت أنها قد تكون محبوسة في المنزل مثلما هو الحال عند سولار التي كانت عالقة في الكوخ.
رحت أتفحص الكتب القديمة الواحد تلو الآخر و أنتقي كل كتاب يبدو عنوانه ذو علاقة عما أبحث عنه.
و في الأخير جمعت سبع كتب قديمة جدا تعود إلى الفترة ما بني القرن السادس عشر و الثامن عشر. ثم وضعتهم على الطاولة و بدأت أفتش في الصفحات العتيقة التي تنبعث منها الرائحة الفواحة للورق القديم الأصفر، و كلما قرأت معلومة مهمة دونتها في دفتر صغير. اندهشت من روعة ما قرأته في هاته الكتب القديمة عن مدن و أراضي عمَّرها الجنس البشري ، و كذلك عن مخلوقات غريبة و أديان متعددة و ممارسات غريبة لم أسمع عنها من قبل، فأنا ذات خلفية دينية هشة إذ أن والدي لم يحدثاني عن الجانب الديني من قبل و لا عن انتمائهم لجماعة أو طائفة ما، و كان ذلك بهدف إبعادي عن أصولي قدر المستطاع.
أعجبت كثيرا بما قرأته و أدركت حاجتي الماسة لدين أو عقيدة لتوجيه حياتي و مساعدتي في اتخاذ قراراتي.
VOUS LISEZ
الذكريات المحرمة || The Forbidden Memories
Fantasyمن كان يظن يوما أن ظاهرة طبيعية كسقوط النيازك ستؤدي إلى حدوث ظواهر غير طبيعية في عالمنا؟ صرخات من الجحيم، أموات ينادون الأحياء، مخلوقات غريبة تحاول الاستحواذ على الأجسام .... كل هذا و أكثر يعيشه بطلا قصتنا أماليا و آزاد في محاولة منهما لاكتشاف الس...