و بعد مرور مدة من الزمن و أنا أحاول استيعاب ما قرأت، قلت في نفسي :" لقد كانت هذه المعلومات قيمة جدا و صادمة أيضا، لكنها... لا تحمل شيئا عن نجم الشمال." ثم استندت أبا من فوق الكرسي و اتجهت بنظري نحو الباب التي أمامي:" لا بدي لي من فتحها و معرفة ما بداخلها."
عبرت الجسر الحجري الذي يربط بين المختبر و الباب، لقد كان يبدو متنا عكس الدرج الخشبي لكن رغم ذلك بالكاد استطعت عبوره، ليس و قدماي معلقتين في الفراغ و عيناي تلمحان الظلام الدامس تحتي. كنت أفكر كم من الوقت سأستغرقه للوصول إلى الأرض في حالة تحطم الجسر و وقعت في الهوة.
كانت الباب مصنوعة من الذهب على ما أعتقد، فبريق المعدن الأصفر الذي صنعت منه لا يمكن أن يكون لمعدن آخر غير المعدن السامي. هل يعقل بأن تكون بوابة مدينة الصفر؟
و قفت لولهلة لأتفحص روعة النقوش التي زخرفتها، نقوش لأزهار كدت أشتم رائحة عطرها من شدة إتقانها، و عصافير سمعتها تزقزق بجانب أنهار من ماء عذب خريره يملأ الآذان، وسحب غطت قمم الجبال الشاهقة. لقد كانت أقرب من لوحة فنية إلى باب عادية.
كان مقبضها خال من أي ثقب يدل على إمكانية إدخال مفتاح به.
حاولت إدارته فاستدار لكن عندما دفعت الباب، لم تتحرك قيد أنملة و ظلت ساكنة في مكانها سكون سيف الملك آرثر في الصخرة.
ظللت أحاول فتحها الكرة تلو الأخرى لكن دون جدوى. هل لأنني ضعيفة لم أستطع تحريكها؟ كلا، لا بد من أن هنالك سرا ما، فالجد الأكبر لم يكن يدري بنية الشخص الذي سيصل الى هذه الباب... لا بد من أن طريقة فتحتها موجودة بإحدى الكتب هنا، لكن من المستحيل أن أقرأها كلها .
وضعت الكرسي الخشبي أمام الباب فجلست عليه و رحت أفكر في حل ما للخروج من هذا المأزق:" حسب تفكيري فالقوة ليست هي مفتاح حل الباب.... إذن ما الحل ؟"
مرت بضع دقائق و أنا سارحة في أفكاري حتى خطرت إلى بالي فكرة، و هي تفحص الحائط لربما يوجد مفتاح مخفي.
كانت هنالك طريق ديقة جدا على طول الجدار المليئ بالكتب تتسع لقدم واحدة. كانت مجازفة كبيرة مني أن أقرر المشي عليها و البحث عن حل لفتح الباب. ذهبت بخطى صغير جدا و حاولت ألا أنظر الى الأسفل كي لا أقع.
فجأة اثار اهتمامي كتاب ذهبي يشع رغم الظلمة الحالكة، و عندما سحبته بيدي سمعت صوتا أفزعني فأسقطت الكتاب في الهوة و تشبثت بكلتا يدي في الرفوف. و عندما استدرت، كان شخصا لم أتوقع ظهوره في مكان كهذا، الفتاة الطيف.
_" ما الذي تفعلينه هنا؟"
_" لقد أتيت لأسخر منك قليلا، ألم تشتاقي إلي؟"
_" لقد ظننت بأنك قد مت بسبب التعويذة"
_" ما هذا الهراء؟ يستحيل أن تقتلني تعويذة ضعيفة كتلك. "
_" إذن لماذا انت هنا ؟"
_" لأمنعك من الوصول إلى هدفك"
_" و كيف ستقومين بذلك ؟"
_" السؤال الصحيح هو كيف قمت بذلك ؟"
-" ما قصدك ؟"
_" وراء هذه الباب توجد أحجية، و قد كان حلها في ذلك الكتاب الذي أسقطته. و بما أنك غبية فلن تستطيعي حلها إلا إذا ... "
_" إلا إذا ماذا ؟"
_" قفزت وراء الكتاب و أحضرته." أنهت كلامها بضحكتك عم صداها كل الرجاء.
أثارت الفتاة الطيف غضبي، فنطقت بالتعويذة دون تردد :" أيتها الأرض الشاسعة، أيتها الارواح المقدسة القادمة من السماء، أعيدي هذا الكيان إلى حيث أتى ليثبت كل بعالمه."
_" اللعنة عليك و على ذلك الكتاب الذي قرأت فيه هذه الكلمات المشؤومة. لن أتركك و شأنك... سوف أسيطر على جسدك في النهاية. " قالت الفتاة الطيف قبل اختفائها بلحظات.
عدت أدراجي رويدا رويدا و أملي قد خاب لأنني أسقطت كتابا ثمينا كذاك. حاولت فتح الباب مرة أخرى لكنه لا يفتح، و ذلك ما زاد خيبتي أكثر.
جلست أحدق في ذلك الباب لمدة طويلة، حاولت كسره، حاولت ثقب الحائط لكن كل شيء متين جدا و يصعب احداث حتى خدش فيه.
فجأة لمحت عنكبوتا تخرج من شق تحت الباب، ثم خطرت في بالي فكرة :" هل يعقل بأن الباب تفتح بجرها نحو الأسفل؟"
وضعت يدي على المقبض و جررته نحو الأسفل، و إذا بالباب تنزل بكل سهولة كاشفة عما يقبع وراءها.
كان المكان وراء الباب مختلفا تماما، لقد كان أشبه بجنة صغير تحت الأرض، الجدران مليئة بالنوقوش و الزخرفات و الجواهر ،و شلالات من المياه تتدفق عبرها، نباتات نمت على السواري، قطع قماش بيضاء حريرية تتدلى من السقف، لقد كان كل شيء متناغما و رائعا... وسط هذا المنظر الخلاب كان هنالك حفرة عميقية على شكل مستطيل يمتد عمقها بحد البصر، و على طولها يوجد سبعة تماثيل عملاقة من كلا الجهتين الواحد قبالة الآخر، ربما كان كل واحد منها بطول المئتي متر، و أمامي مباشرة كان هنالك لوح حجري يتضمن الأحجية التي تحدثت عنها الفتاة الطيف،و في أسفلها مكان يحمل ثقوبا أظن أنها مكان وضع قطع الأحرف الموجودة على طاولة بجانب اللوح.
كانت الأحجية كالآتي:كزهرة لا تموت و لا تذبل، تاجها سبع ورقات
لكل ورقة لون يميزها، إنها ألوان الجن السبعة.
تنظر هذه الزهرة الخالدة إلى الكوكب الثالث عشر
الذي يقع في الخط الثاني من مداره حول شمسٍ
تضيء سطحه و تكشف عن الطريق نحو المتاهةكانت هذه كل الأحجية، خمسة أسطر كافية لجعلي أفكر إلى الأبد.
كنت متعبة كثيرا و كان دماغي مشوشا، لذا قررت أن آخذ قسطا من الراحة و التفكير في حل الأحجية بعد ذلك.
صعدت إلى الأعلى و وجدت لنفسي غرفة تتوفر على سرير جيد و غطاء أحتمي به من البرد القارس الذي خيم علينا فجأة في عز فصل الصيف. و حينما وضعت رأسي فوق المخدة بدأت أسمع صوت الرياح التي صارت عاصفة تقصف كل من تجرأ على الخروج في غضونها و همسات الكائنات من العالم الموازي، لكنني لم ألقي بالا لكل هذا بينما كان كل همي هو معرفة مثير مرجانة.
في تلك الليلة، لم أستطع أن أسعد بالسرير المنفوش و الغطاء الفخم ، كيف ذلك و مرجانة تعاني الأمرين وسط القرية التي ترعرعت فيها. انعكس خوفي هذا و قلقي في كوابيس لا متناهية عن المصير الذي قد تعاني منه مرجانة وسط تلك الوحوش التي لا تعرف الرحمة أو الشفقة عندما يتعلق الأمر بحماية حياتها.* أود أن أقدم شكرا خالصا لكل من قرأ قصتي و حاول تشجيعي. آمل أن أظل عند حسن ظنكم *
VOUS LISEZ
الذكريات المحرمة || The Forbidden Memories
Fantasyمن كان يظن يوما أن ظاهرة طبيعية كسقوط النيازك ستؤدي إلى حدوث ظواهر غير طبيعية في عالمنا؟ صرخات من الجحيم، أموات ينادون الأحياء، مخلوقات غريبة تحاول الاستحواذ على الأجسام .... كل هذا و أكثر يعيشه بطلا قصتنا أماليا و آزاد في محاولة منهما لاكتشاف الس...