. وضعت أمتعتي على الحصان و رحت أمشي تحت سماء الليل الحالكة التي اختفت نجومها المعتادة و قمرها الذي كان بنوره يدل السائلين عن الطريق. لم يكن لدي سوى شمعذان صغير فاستضأت بإنارته الخفيفة و سرحت في أفكاري حول مصير مرجانة و كيف سأستطيع العودة لمساعدتها.
و عند اقتراب طلوع الشمس لاح لي كلب أسود في الأفق متجها صوبي، لقد كنت خائفة من كونه جنيا لأنني سمعت بأن الجن يظهرون كثيرا في الصحراء خلال الليل، لكن فضولي لمعرفة ما إذا كان كلبا عاديا أم لا طغى علي فاتجهت نحوه لأتفقده.
في البداية كانت خطواته بطيئة، لكن بمجرد أن لمحني إلا و بدأ يجري بسرعة لا متناهية، و حجمه يصير أضخم فأضخم كلما اقترب مني. تأكدت عندها بأنه من المستحيل أن يكون هذا كلبا عاديا فشعرت بالذعر. في تلك اللحظة، حاولت الهرب لكن جسدي كان جامدا، تماما مثل ما كان يحدث لي مع الفتاة الطيف. شعر الحصان بالخوف فانطلق راكضا دون توقف، تاركا إياي في أرض قاحلة مفروشة بحبيبات العقيق الأسود مع شمعذان صغير تكاد الشمعة بداخله أن تنطفئ و كلب غير عادي يجري نحوي. لكنه عندما اقترب مني كثيرا لم يكن هناك أي شيء غريب في حجمه و لا في شكله، فقلت في نفسي لا بد بأنني كنت أتوهم فقط. و في فم الكلب لحاء شجرة مطوي، فبصقه أمامي و بدأ بتحريكه بقوائمه الصغيرة نحوي و كأنه يقول لي احمليه. أخذت اللحاء المطلي بلعاب الكلب بمشقة الأنفس و فتحت طيته، ثم وجدت بداخله رسالة لم أكن لأتوقع مرسلها أبدا." مرحبا أماليا، هذا أنا جاد . أتمنى أن تكوني بخير!
لقد أرسلت لك هذه الرسالة رفقة هذا الكلب المدرب إذ جعلته يتعرف على رائحتك و ووجهك ليتقفى أثرك.
إذا كنت لا تزالين في القرية فأنا آسف لعدم قدومي لزيارتك، فلقد خرجت من البلاد مباشرة بعد ما حدث لي في آخر جولة خوفا من أن تتعرض عائلتي للخطر بسبب الجن الذين كانوا في الحافلة.
لكنني تركت هذا الكلب قبل رحيلي .المهم من ذلك، لقد سمعت خبرا بأن قرب القرية التي تركتك عندها مكان سري قد يحتوي معلومات عن نجم الشمال. أتمنى ألا تكوني قد ابتعدت عنها.
في الواحة القريبة من القرية، يوجد منزل مهجور، لذلك المنزل قبو تحت الأرض يوجد فيه باب سري لا أدري كيفية فتحه، يجب عليك أن تبحثي و تحاولي فتحه. لكن الأمر لا ينتهي هنا، فإذا أردت معرفة الحقيقة يجب أن تفكي لغزا ما هناك. يوجد حل هذا اللغز في الطقس الذي تقوم به تلك القرية كل سنة.قد يكون ما سأخبرك به صادما لك لكن لا تثقي في أهل تلك القرية. إنهم أناس مخادعون رغم اللطافة التي يبدونها ، إذ يقومون بشعوذات و سحر و صفقات مع الجن. حيث يقدم لهم الجن الحماية مقابل تقديم التضحيات لهم و حماية قبو ذلك المنزل.
لا بد من أنك تتساءلين لماذا يريد الجن حماية ذلك القبو؟ بكل بساطة لأنه يحتوي على أسرار التحكم بهم و إخضاعهم دون صفقات .
و لحماية ذلك القبو يقوم أهل تلك القرية باستضافة كل عابر سبيل و حثه على المكوث عندهم، ثم يعاملونه بلطافة غير اعتيادية لخداع الشخص و معرفة ما إذا كان هدفه من القدوم هو استكشاف ما خفي من أسرار في ذلك القبو.
إذا تبين بأن هدف الشخص هو استكشاف القبو يقومون بقتله و تقديمه كقرابين للجن، و إن اتضح بأنه غير مدرك بأمره يقومون بطرده من القرية عند اقتراب الطقس بحجة أنه لن ينجح إذا حضره الغرباء، لكنهم في الحقيقة يفعلون هذا لمنع تسرب الكلمات التي ينشدونها و التي تحتوي على إشارات كثيرة عن كيفية فك لغز القبو.
لقد بحثت و وجدت بأن هذا الطقس يحدث مرة كل سنة، و لا زال على حدوثه أربعة أشهر لذا حاولي ألا تفصحي عن نواياك في هذه المدة، و إذا صادف و أن طردوك تظاهري بالرحيل ثم عودي في اليوم التالي.
يمكنك حضور الليلتين الأولى و الثانية فقط من الطقس الذي يدوم أسبوعا كاملا لأنهما كافيتين لجمع معلومات عن كيفية حل اللغز.
يجب أن تحسني الاختباء لأنهم إذا أدركوا وجودك سوف يقتلونك في الحال و دون تردد.
إذا كنت تقرئين هذه الرسالة فهذا يعني بأنك لم تفصحي عن رغبتك في معرفة الحقائق الخفية وراء نجم الشمال.أعلم بأن كلامي غير واضح و يشوبه الكثير من الغموض لكن هذا كل ما استطعت جمعه من معلومات.
رغم أنه لا زال وقت طويل على حدوث الطقس و هو كاف لجمع معلومات أكثر إلا أنني أرسلت لك الرسالة الآن آملا أن يجدك الكلب قبل فوات الأوان.
إذا كنت تتساءلين عن كيفية نجاته في الصحراء فأريد أن أخبرك بأنه مدرب على أكل العقارب و الأفاعي و استخلاص الماء من بطون الجمال و أكل لحمها.
أتمنى لك حظا موفقا. احذري جيدا"كانت رسالة جاد بمثابة صدمة كبيرة. فلقد كنت قد نسيت أمره تماما كما أن توقيتها كان مناسبا جدا لدرجة أني أحسست بحظي قد وفقني لأول مرة في حياتي. ثم بدأت أتذكر كل الأفعال الطيبة التي قام بها أصحاب القرية تجاهي و التغير المفاجئ في سلوكهم عند اقتراب حدوث الطقس، تماما كما وصف جاد في رسالته. السؤال هل يجب علي العودة رغم الخطر المحدق هناك أم البحث عن طريقة أخرى لإرجاع التوازن بين العالمين؟
VOUS LISEZ
الذكريات المحرمة || The Forbidden Memories
Fantasyمن كان يظن يوما أن ظاهرة طبيعية كسقوط النيازك ستؤدي إلى حدوث ظواهر غير طبيعية في عالمنا؟ صرخات من الجحيم، أموات ينادون الأحياء، مخلوقات غريبة تحاول الاستحواذ على الأجسام .... كل هذا و أكثر يعيشه بطلا قصتنا أماليا و آزاد في محاولة منهما لاكتشاف الس...