رسالة مرجانة ●

43 3 6
                                    

" لقد أخبرتك ألا تعودي إلى القرية و ها أنا ذا أكتب لك رسالة وداع و كلي يقين بأنك ستعودين ، لذا جمعت قوتي و أتيت لأكتب لك آخر كلماتي.

أعلم بأن رسالتي ستكون طويلة لأن لدي الكثير من الأشياء لأقولها لكن أولها: عندما تجدين هذه الراسلة أركضي بأقصى سرعة لديك من القرية لأبعد مسافة ممكنة.
هذه الليلة ستتم التضحية بي من أجل الطقس الذي يقام لحماية القرية كل سنة، لكنني متأكدة بأنه لن ينجح لأن الوقت و طريقة اختيار التضحية غير سليمين، و هذا يعني غضب الجن و إبادتها للقرية عن بكرة أبيها.
من دون ان تكملي قراءة الرسالة أركضي حالا!!

  في يوم ضاقت بي الدنيا، اردت ان اروي ما يجول بخاطري، لكن لم اجد من يستمع الي و كله اذان صاغية، ليس بعد ان افترقنا عن بعضنا. لقد كنت الصديقة الأقرب الى قلبي، الشخص الوحيد الذي لم أخشى أن يعرف حقيقة ما يخالج فؤادي،  لم افكر يوما في التظاهر امامك او اخفاء جوهر روحي. التقينا صدفة و قد كانت صدفة أروع من ان أصدق بأنها حقيقة. ترابطت أرواحنا منذ اللحظة التي ابتمست فيها بوجهي،  فظننت انه مهما طال الزمان، و أبعدت المسافات بيننا،  ستبقى صداقتنا كالقفل الموصد على قلوبنا المليئة بمشاعر المودة الخالصة. لقد كنت يا أماليا جعبتي التي أخبئ فيها اسراري و بالي مطمئن . و مرت الأيام و نحن نترنم و نصنع ذكريات تزينها ضحكاتنا و آمالنا. سررت كثيرا بذلك الوقت الذي أمضيته معك،  و لا أظن انني سأحيى مدة كافية لاعيد نفس التجربة، ليس و عزرائيل واقف الآن أمامي. آه كم أحن إلى تلك الأيام! حتى دموعي ملت من شدة ذرفها الليلة و انا أتحسر على ماض لن يعود و لو أشرقت الشمس من الغرب. لم أضع في حسباني قط أن اليوم الذي سنفترق فيه قدر محتوم لا محيد عنه. او بالأحرى، كنت  اتناسى قدوم هذا اليوم، لكن لطالما سبب لي ذلك ألما عميقا كشوكة تغرس في قلبي و يزداد عمقها بمرور الساعات و الثواني. و ها نحن ذا نبتعد عن بعضنا في نقطة ما من الحياة، هذه النقطة هي النهاية بالنسبة لي بكنها البداية بالنسبة لك. لم يكذبوا عندما قالوا بأن أصعب اللحظات هي لحظة الفراق، فما يؤلمني الآن هو ابتعادي عنك أكثر من اقترابي من الموت. آه كم من الصعب الابتعاد عن الأشخاص اللذين اعتدت على رؤيتهم كل يوم.
عذرا عن أي فعل شنيع قد ارتكبته، أو أي خطإ لم اقصده،  أتمنى من أعماق قلبي الذي يتمزق أن تحققي احلامك و تصلي الى مبتغاك. و أعدك بأنه رغم وقوع الاختيار علي كقربان و هذا يعني بأنني سأموت الليلة،  سأظل وفية لك.  سأحفظ عهد صداقتنا الذي  طبع على قلبي. كل ما بقي لي الآن هو الرجاء بألا تنسيني و أصير غريبة عنك مثل اليوم الذي سبق لقاءنا. "
ماذا علي أن أقول؟ و في ماذا يجب أن أفكر؟ كانت مشاعري مختلطة عند انتهائي من قراءة رسالة مرجانة، خاصة و قد طبعت قطرات دمعها فوق الحروف. حتى في لحظاتها الأخيرة كانت تفكر بي. مرجانة فتاة رائعة فعلا، كم وددت أن آخذها معي الى موطني بعد إنهاء كل شيء، فهي لم تكن تحب أعمال أهل القرية و كانت تتمنى لو تخرج منها.  لكن كان للقدر رأي آخر للأسف.
  أغمضت عيني محاولة النوم،  فالقادم أسوء على ما بدى من كلام العجوز .

الذكريات المحرمة || The Forbidden Memories Où les histoires vivent. Découvrez maintenant