عام 2008
{ماسة ـ 7 أعوام}
فتحتُ مجر والدتي بحذرٍ وأخرجتُ المقص الكبير الذي لطالما استخدمته أمي لقصّ ثيابنا القديمة وتحويلها لخرق تمسح فيها أرض المنزل وتنظف بها المطبخ.. أعدتُ اغلاق المجر وتسللتُ خروجاً من غرفة والدَيّ ثم أسرعتُ نحو الحمام أقفله عليّ.. سارعتُ بنزع الشريط الأحمر عن شعري الطويل ووزّعتُ شعري إلى نصفين.. كل نصف يتدلى على كتف.. ثم رفعتُ المقص وبدأتُ أقصّ.. لم يكن الأمر سهلاً كما بدا لي حين قصّت مصففة الشعر شعر ابنة خالتي رشا.. عبستُ وجهي وأنا أصارع كل خصلة.. حين انتهيتُ من النصف الأول كانت يدي تؤلمني من الجهد والأرض ممتلئة بالخصل السوداء.. سمعتُ نداء والدتي من المطبخ:
ـ ماسة؟ وينج مالج صوت؟
هتفت وأنا أمسك بالقسم الآخر من شعري:
ـ بالحمام!
أخذتُ أقص خصلة تلو الأخرى مقاومةً ألم يدي والحكة التي أصابت قدمَي بسبب الشعر الذي تجمع عليهما.. لكني لم أتوقف حتى قصصتُ الخصلة الأخيرة.. ثم تركتُ المقص على الأرض وحاولتُ التسلق على حوض الغسل لأنضر في المرآة.. ورغم علوه نجحتُ بالصعود عليه ورأيتُ نفسي في المرآة المستطيلة..عقدتُ جبيني لعدم رؤيتي النتيجة التي توقعتها.. فأطرافه ليست سلسة وجميلة كأطراف شعر رشا.. بل بشعة للغاية.. لمَ لم ينجح الأمر؟.. هل أقصّ المزيد؟..
ـ ماسة؟ وينج طولتي؟
زفرتُ وقد أخذ وجهي يحمرّ بغيضٍ من النتيجة.. قفزتُ إلى الأرض وباشرتُ بجمع شعري من على الأرض لأرميه فيه الحاوية.. ثم أفزعتني طرقات والدتي على الباب وصوتها القريب:
ـ شو فتحي الباب.
أجبتها بصوتٍ لاهث وأنا أسرع بجمع الشعر الذي أخذ ينتشر على الأرض أكثر ويزيد من جزعي:
ـ لحظة!
لكنها لم تتوقف عن الضرب على الباب فاستسلمتُ للأمر وفتحته وأنا ألتقط أنفاسي بجهد.. اتسعت عيناها بشكلٍ مخيف وراحت يدها تكمم فمها بصدمة.. ثم رجّ صراخها:
ـ شسويتي بنفسج؟!
مررتُ أصابعي على شعري وقلت:
ـ راح اعدله، بعدني ما كملت.
أغمضت عينيها لثانية وجذبت نفساً مسموعاً ثم فتحتهما مجدداً لتقول بنبرة صارمة:
ـ انسي تروحين وياي للحفلة.
هذه المرة أنا من فتحت عينيها على وسعيهما:
ـ شنوو؟! لييش؟!
ـ تسأليني ليش؟! شايفة شمسويه بنفسج؟! شلون تكصين شعرج وحدج؟!
ـ انتي ما خليتيني اكصه وي رشا!
ـ اذا ما اخليج تروحين تكصيه وحدج؟!
اكتفيتُ بالعبوس بوجهها.. دخلت الحمام وحملت المقص ثم جرّتني من ذراعي لتقرّبني منها.. بدأت تتفحص شعري وهي تحاول إيجاد طريقة لترتيبه.. سمعتُ الكثير من الزفرات والتوبيخات أثناء قصّها للأطراف.. وحين انتهت أجبرتني على كنس أرض الحمام مع التهديد: