الفصل العاشر

264 32 68
                                    



{يونس}

ناديتُ ليالي للمرة الرابعة وأنا أفقد صبري:

ـ هاي آخر مرة اصيحلج، اذا ما اجيتي أروح وعود دبري نفسج.

نادتني من غرفتها:

ـ جايه جايه، شبيك گالب الخلقة اليوم؟

دلكتُ عينَي بإبهامي والسبابة.. آثار قلّة النوم لهذه الليلة بدأت تظهر.. الصداع.. الخمول.. لو لا أن محاضرات اليوم مهمة لتغيبتُ عن الجامعة.. آه يا ماسة.. تشغلين بالي حتى وأنتِ في آخر الدنيا..

أوصلتُ ليالي إلى مدرستها ثم قصدتُ الجامعة بلا نفس.. حال دخولي إلى حرم الجامعة ناداني صوت مألوف:

ـ يونس!

التفتُّ إلى الوراء وإذا بها فرح.. صديقة ماسة.. قصدتني ثم همّت بقول شيء إلا أنها عقدت جبينها وسألت:

ـ شبيه وجهك؟

ـ شبيه؟

ـ شكلك تعبان..

هززتُ بكتفَي:

ـ سهران، ردتي شي؟

سرعان ما تلاشت عقدة جبينها لتقول بانفعال:

ـ انته مو ابن عمها والقريب منها؟ مو المفروض تنصحها وتقنعها ترجع قبل لا ترسب هالسنة وتضطر تعيدها؟

قلتُ بارهاق:

ـ يا يوم سمعت كلامي بشي؟ إن شاء الله ما تتأخر، بس يخلص أخوها من تطبيقه يرجعون.

هزّت برأسها منزعجة:

ـ ما ادري هالمتهورة شلون هيج دحست روحها وي أخوها وعافت الأول والتالي.

حبستُ حسرتي.. كيف لا تترك كل شيء حين يخصّ الأمر حياة شقيقها الوحيد؟.. من قد يلومها؟.. حتى أنا لا أستطيع لومها رغم الموقف المزعج الذي وضعت نفسها فيه.. استأذنتُ من فرح بحجة تأخري على المحاضرة.. ثم اكتشفتُ بأن لا فرق بين مجيئي وعدمه.. لأنني لم أستطع التركيز بأي محاضرة.. كل فكري كان عند ماسة.. كيف تبات وحدها في شقة نائل؟.. أكاد أفقد عقلي بمجرد التفكير بالأمر.. في النهاية أوصلتني أفكاري إلى قرار متهور.. كقرار ماسة.. حال خروجي من الجامعة اتصلتُ بخالي الذي يسكن في بريطانيا..



{رائد}

إنه يومي الأخير في المشفى.. سأعود إلى منزل نائل يوم غد.. أكاد لا أطيق صبراً للحرية.. فغرفة المشفى تخنقني.. تزيدني مرضاً فوق مرضي.. رغم قضاء ماسة عدة ساعات معي كل يوم إلا أننا أحياناً نملّ حتى من الحديث ويبقى الصمت مخيّم على الغرفة.. وأحياناً أتظاهر بالنوم لترسم دون الشعور بالذنب.. فإنها لا ترسم ما دمتُ مستيقظاً وتظلّ تحاول تسليتي.. أما اليوم فمللتُ حتى التظاهر بالنوم.. ويبدو أنها لاحظت كم تمكن الضجر مني.. لذا قالت:

اتكئ على كتفيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن