{نائل}
طوال الطريق إلى المنزل وأنا أفكر بطريقة للتخفيف عن ماسة التي بدت مرهقة نفسياً والقلق لا يفارقها.. كانت تلتزم الصمت على المقعد المجاور لي.. تنظر من نافذة السيارة بشرود.. وكأنها لا ترى شيئاً أمامها.. وحالما دخلنا إلى الشقة توجهت إلى الغرفة وانعزلت فيها.. لم أجد الفرصة لأعرض اقتراحات تخفّف عنها.. مثلاً مشاهدة فيلم لجاكي شان.. هل كان ذلك ليخفف عنها؟.. أم سيجعلني أبدو غير مهتم بأمر رائد؟.. بحذرٍ طرقتُ بابها وقلت:
ـ يعجبج اجيب عشه من بره لو اسوي شي خفيف؟
جاءني صوتها المختنق:
ـ ما راح اتعشه، تعبانة.
زفرتُ بضيق.. لقد نجحت العملية.. أليس من المفترض أن تكون أكثر تفاؤلاً وحيوية؟.. أيعقل أن تكون زيارة كريسي سبب تعكر مزاجها؟.. فهي تعتبر كريسي الشخص الذي أخذ مكانها بالصداقة.. باستسلامٍ انسحبتُ من باب الغرفة وتوجهتُ إلى الحمام لأستحمّ..
****
في الصباح طرقتُ بابها وطلبتُ منها الاستيقاظ لأوصلها إلى المشقى قبل ذهابي إلى العمل.. أجابت بأنها ستقوم حالاً فتركتها وبدأتُ أجهز الفطور.. ثم جلستُ على الأريكة أنتظرها.. وأنتظر.. إلى أن بدأ الأمر يثير حَيرتي فعدتُ لأطرق بابها وأنا أناديها:
ـ ماسة؟.. جهزتي؟ تعالي اكليلج لكمة قبل لا نروح.
لم يأتني أي جواب.. طرقتُ الباب بقوة أكبر وقد تذكرتُ فجأة أن نومها كان عميقاً في السابق.. وأنها ربما عادت تغطّ في النوم بعد جوابها السابق..
ـ ماسة راح أتأخر على شغلي، يالله كومي.
ـ بس خمس دقايق.
ـ ما تفيدج الخمس دقايق، دا انتظرج، حتى الچاي برد.
أجابت باستسلام وانزعاج:
ـ ماشي كايمه..
عدتُ إلى الأريكة وقد بدأتُ أشعر بعدم الارتياح.. لم أصل يوماً متأخراً إلى عملي.. ولا أنوي أن يحدث ذلك يوماً.. لكن يبدو أن ماسة تخطط لأن تجعل مني موظف غير ملتزم.. فُتح بابها أخيراً وخرجت بعينين شبه مغمضتين.. وشعر منكوش.. وبيجاما نوم سوداء عليها رسمة لهيكل عظمي.. سارت بعدم اتزان إلى الحمام.. ضممتُ شفتَيّ وأنا أمنع نفسي عن الابتسام.. يبدو أنها نسيت أنها في بيتي..
حين خرجت تغيرت هيئتها.. لقد رتبت شعرها ورفعته بذيل حصان وبدا وجهها أكثر استيقاظاً.. لكن شيء في تجنبها لرؤيتي وعجلتها إلى غرفتها فضح أنها استوعبت للتو أنها في بيتي وليس في بيت أهلها.. سارعتُ في مناداتها:
ـ تعالي تريكي.
تمتمت بتلعثم:
ـ مو جوعانه.