الفصل الخامس والعشرون

199 29 35
                                    


{ماسة}


نظرتُ إليه ببلاهة.. غير قادرة على استعياب ما قاله.. ثم ظهرت براء فجأة وهي تمسح يديها ببيجامتها بعد أن أنهت غسل الصحون.. انضمّت إلينا وبدأت تتحدث عن.. عن ماذا.. لا أعلم.. فعقلي لا يتجاوز صدمته..

حاولتُ النوم تلك الليلة.. جاهدتُ كثيراً لمعرفتي بحاجتي للنوم.. لكني مهما تقلّبت لم أنجح بإيجاد الوضعية التي قد تجلب لي النوم..

ـ عندج أرق.

عضضتُ على شفتي.. يبدو أنني أفسدتُ عليها نومها بسبب كثرة حركتي.. قامت بتشغيل الضوء الخافت عند سريرها ونظرت إليّ حيث كنتُ أنام على فراش في الأرض.. زفرتُ واعترفتُ قائلة:

ـ اي.. اسفة زعجتج..

ـ اذا تفضفضين يمكن ترتاحين وتنامين؟

لو تعلم كم أتمنى ذلك.. لكن الموضوع حسّاس للغاية.. تمتمتُ مجيبة:

ـ هواي أمور دا تصير بحياتي.. لا توجعين راسج وياي.

ـ بالعكس، من هواياتي استمع لمشاكل صديقاتي وانطيهن حلول.

نظرتُ إليها بتردد.. هل تحاول استدراجي؟.. هل سمعت شيء أم أنها تريد المساعدة لا أكثر؟.. زفرت وقلت:

ـ لا جديات.. مواضيعي مو صغيرة.. وما الها حل..

ـ جربيني.

سألتها:

ـ شنو رأيج بيونس؟

رفعت حاجبيها باستغراب.. ثم لوّت شفتيها بتفكّر وقالت:

ـ أفضل واحد من الأولاد من أقربائي.

ـ من أي ناحية؟

ـ اكيد انتي تعرفيه أكثر مني.. بس الي شفته منه لحد الآن يثبت انه مختلف عن الشاب العراقي النمطي.. مثلاً ما يستنكف من غسل الماعين..

قلتُ بخفوت:

ـ يمكن الفضل إلي..

قالت بفضول:

ـ شلون؟

قلتُ بإحراج:

ـ من جانت امي تجبرني اغسل الماعين أروح اصيحله ونغسلهن سوه.. فتعود من صغره يساعدني بيهن..

لاحت الدهشة على وجهها.. ثم ضحكت وقالت:

ـ مو اكلج مختلف؟.. لو أمجد جان ساعدج؟

ضحكت وقلت:

ـ جان خلاني أغسل حتى اماعينهم.

قالت بابتسامة دافئة:

ـ علاقتكم حلوة.. انتي ويونس.. 

تلاشت ضحكتي.. وابتسامتي.. نعم.. كانت جميلة.. لكن هل ستبقى كذلك؟.. كيف لها أن تبقى كما هي بعد معرفتي بتغيّر مشاعره تجاهي؟.. كيف أكون معه على طبيعتي وهو لم يعد على طبيعته السابقة؟.. منذ متى وهذه المشاعر؟.. هل تطورت هنا في لندن؟.. هناك الكثير من الأسئلة.. لكني أخشى طرحها عليه.. حرّرتُ تنهيدة متعبة.. فأعادني صوت براء إلى الواقع:

اتكئ على كتفيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن