الفصل السادس عشر

250 40 117
                                    


{ماسة}

كنا نتمشى نحنُ الثلاثة في المنطقة.. ننتظر انتهاء نائل من عمله لنتعشى في مطعم كما أتفق مع رائد.. يبدو أنه عشاء لاستقبال يونس.. أو ربما لأنه لا يريد طبخ شيء اليوم.. تعب رائد من المسير فجلسنا على مقعد كبير لنستريح.. قال يونس وهو يتأمل المنطقة من حوله:

ـ شنو رأيكم أفتح كشك فلافل هنا؟ سمعت الجماعة يحبون الأكل العربي.

ردّ رائد:

ـ حضرتك طبيب لو بياع فلافل؟

ـ ماكو فرق، ثنينهن يداون البشر.

أومأتُ برأسي وقلت:

ـ أتفق.

نظر رائد مني إلى يونس وهزّ برأسه:

ـ أغسل ايدي منكم.

سقطت عيناي على عربة تبيع المثلجات.. نهضتُ بسرعة وقلت:

ـ منو يريد موطه؟

حذّر رائد:

ـ ماسة، مو وقت موطه هسه، رايحين نتعشه..

ـ عادي وحدة ونتشاركها كلنا، ما راح نشبع بيها.

ثم تركتهما قبل أن يعترضا وقصدتُ العربة التي تشبه البيت الصغير.. طلبتُ من البائعة العجوز كاسة مثلجات بطعمَي الشوكولا والفواكه.. الطعم الأول من أجلي وأجل يونس.. أما الفواكه فمن أجل رائد.. بينما كانت العجوز تجهز طلبي أخذتُ ثلاث ملاعق بلاستيكية من الموضوعة عند النافذة.. ثم فجأة شممتُ رائحة كريهة.. فالتفتُّ إلى يميني وإذا برجل يقف بجانبي ينتظر دوره.. وحين نظرتُ خلفه اكتشفتُ أنه مع رفاقه الأربعة.. خمستهم يبدو عليهم السكر.. ابتعدتُ قليلاً وأنا لا أستطيع اخفاء تعابير القرف.. لكني تفاجأتُ بتقربه أكثر وهو يبتسم ابتاسمة تقرف أكثر من رائحته.. وقال بكلمات بالكاد فهمتها:

ـ أنتِ جميلة.. ما أسمك؟

أجبته باشمئزاز:

ـ وأنت نتن.

تبدّلت تعابيره الهبلاء إلى غاضبة.. ثم ردّ بخشونة:

ـ أيتها الوقحة.

ناولتني العجوز المثلجات.. أخذتها بذات اللحظة التي تقرّب السكّير أكثر وكأنه يحاول معاقبتي.. فاستقبلته بالمثلجات وضغطتها في وجهه بلا تردد.. فصرخ وتراجع متعثراً.. تدخّل رفاقه لصوت صراخه وبدؤوا يصرخون عليّ ويتلفظون بالقذارة.. ما هي إلا ثوانٍ حتى أمسكت يد بذراعي وأرجعتني إلى الوراء.. يد رائد.. الذي وقف أمامي هو ويونس وبدأا يتراددان بالجدال مع السكارى.. تحوّل الجدال إلى تدافع فلم يكن مني إلا ركل من دفع رائد.. أما يونس فأنشغل بإثنين.. والوقح ما زال يمسح المثلجات عن وجهه.. زاد عنف السكارى وكنتُ سأندم على فعلتي.. لكن رؤيتي لنائل وهو يجري نحونا جعلني أنسى الندم.. سينال منهم.. في تلك الأثناء تلقى رائد لكمة في وجهه فصرختُ بفزع.. جرّ نائل السكّير الذي ضرب رائد وطرحه أرضاً بدفعة واحدة.. ثم تصدى لمن أقدم على المهاجمة عوضاً عن صديقه لكنه أيضاً لم يجد فرصة أمام نائل الغاضب.. أما الإثنان الآخران فلقد ابتعدا بعد الضرب الذي نالاه من يونس.. سارع نائل بالالتفات إلينا وقال بعجلة:

اتكئ على كتفيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن