{يونس}
كانت اعتراضات عائلتي كثيرة.. لكنهم لم يتمكنوا من اقناعي بالتراجع عن قراري.. قالت والدتي بعد النقاش الطويل الذي دار في غرفة المعيشة بعد العشاء:
ـ هالولد راح يظل لاحك أولاد عمه لحد ما يتزوج ويلتهي بمرته.
أزعجني تعليقها.. لكنني اكتفيت بالصمت لكيلا أشعل جدالاً جديداً.. أما ليالي فعلّقت ضاحكة:
ـ تخيلي يتزوج ماسة ويلزك بيهم بعد أكثر.
هنا لم أكتفي بالصمت.. بل سحبتُ الوسادة التي أتكئ عليها ورميتها عليها.. التقطتها في اللحظة الأخيرة وأعادتها عليّ.. حذرنا والدي:
ـ كعدوا راحة، لا تكسرولكم شي.
أما والدتي فتجاهلت الوسادة الطائرة وهتفت برعب:
ـ لا اسم الله شنو ياخذ ماسة، صح البنية صارت أحسن من قبل بس بعدها تتصرف مثل الولد وحتى طبخ ما تعرف تطبخ، أخوج يرادله بنية ناعمة وحليوة، تسمع كلمتنه وتساعدني بالبيت.
قالت ليالي بلهفة:
ـ اي والله ياريت يخف عني حمل البيت.
رمقتها بنظرة وقلت:
ـ اليسمعج يكول تكرفين بالبيت من الصبح لليل، حدج تسوين اندومي وتغسلين اماعين.
ـ وذني قليلات يعني؟ شايف نفسك شكد تاكل وشكد تشمر اماعين بالمطبخ؟
خاطبتُ أمي قائلاً:
ـ تحجين على ماسة وليالي ما تختلف عنها بالدلال بشي؟
ـ اختك بعدها صغيرة، تكبر وأعلمها على الطبخ.
أخرجت ليالي لسانها لي بانتصار.. فرميتها بالوسادة مرة أخرى.. هذه المرة أصبتُ وجهها.. فأسرعتُ أهرول إلى الخارج قبل أن تردّ الضربة بعشرة.. المدللة.. وربما كانت حجة لأغادر المنزل والنقاش المزعج.. قد تحب والدتي ماسة لكنها دائماً تنتقد طبيعتها وتصرفاتها التي لا تعجبها.. وما يزعجني أكثر أن والدي لا يدافع عن ماسة حين تنتقدها والدتي.. وكأنه يتفق معها بأن ماسة ليست زوجة مناسبة لي.. أخذتُ أتجول في المنطقة أثناء اتصالي برائد.. بدأ صوته يعود إلى طبيعته ويفقد البحة التي كانت تقلقني.. يبدو أن مغادرته المشفى لم يحسّن من نفسيته فقط.. بل من صحته أيضاً.. تحدثنا أنا وهو ونائل لوقت طويل عبر الاتصال المصوّر.. فأريتُ نائل المناطق التي لم يزرها منذ سنين.. رغم أن التصوير كان سيئ بسبب الظلام.. أما هو فأراني المناظر من شرفته بطلبٍ مني.. كنتُ أطيل الحديث على أمل أن تنتهي ماسة من اتصالها بفرح وتنضمّ إلينا.. لكنها لم تأتي.. فاستسلمتُ وأنهيتُ اتصالنا.. تنهدتُ وطبطبتُ على خيبتي قائلاً بأن لا بأس.. سأكون معهم قريباً.. وسأجعل الأمر مفاجأة..
{ماسة}
وقفتُ أمام الخزانة بحَيرة.. ماذا أرتدي لهذا اليوم المميز؟.. أي ثياب تناسب لصوري مع جاكي شان؟.. بعثرتُ شعري بجزع.. طرقات على الباب جعلتني أرمقه بغضب: