{نائل}
قالت كريسي حين كنا نتناول غداءنا في الشركة:
ـ هل تذكر وعدك؟
في البداية عقدتُ جبيني باستفسار.. ثم تذكرت وقلت:
ـ السينما؟
أومأت برأسها بابتسامة وقالت:
ـ هل لديك فرصة الليلة؟
كنتُ أرغب بقضاء الوقت مع رائد.. لكن لا بدّ من تنفيذ الوعد.. ثم أنها تستحق الساعتين من وقتي.. بل تستحق الأكثر.. قلتُ بلطف:
ـ حدّدي الوقت والفيلم وسأكون حاضراً.
اتسعت ابتسامتها ولمعت عيناها بسعادة كبيرة.. كم أنا مقصرٌّ معها.. وكم هي صبورة معي..
التقينا مساءً على الموعد في السينما.. كانت ترتدي ثوباً قرمزي اللون وضيقاً يبرز مفاتنها بشكلٍ لم أعتد عليه.. كما أنها زيّنت وجهها بالمساحيق التجميلية أكثر من العادة.. مظهرها يوحي إلى أنها لم تأتي لمشاهدة الفيلم فقط.. بل وكأنها جاءت لموعد غرامي.. استقبلتني بابتسامتها الفاتنة ومدّت يدها لي.. فأخذتها ببعض التردد.. أشبكت أصابعها بأصابعي وجذبتني معها إلى زاوية الوجبات الخفيفة.. اختارت علبة كبيرة من الفوشار وشرابَين باردَين لنا.. ثم دخلنا صالة العرض التي لم يتواجد فيها سوى عدد بسيط من الناس.. صعدنا إلى مقاعدنا التي حجزناها الكترونياً وجلسنا ننتظر بدء الفيلم.. في تلك الأثناء عادت كريسي لتمسك بيدي.. وبيدها الأخرى بدأت تمرر أصابعها على ظهر كفّي.. صمدتُ أمام لمساتها وحاولتُ ألا أخضع للشيطان الذي كان ثالثنا.. سألتني بصوتٍ منخفض:
ـ إلى متى سأكون أنا المبادرة في هذه العلاقة؟ بدأتُ أُشفق على نفسي..
حرّرتُ نفساً حبسته طويلاً دون شعور مني.. ونظرتُ إليها لأقول معترفاً:
ـ لستُ مرتاحاً يا كريسي.. ما دام ما أقوم به يُخالف ما أؤمن به فلن يرضيني ما يحصل الآن بيننا..
فغرت فاهها مندهشة من كلامي.. وانسحبت يدها من يدي بخيبة كبيرة.. بانكسار.. فقلتُ موضحاً:
ـ إن كنا سنتقدم خطوة في علاقتنا فلا بدّ أن يكون ذلك بما لا يخالف ديني..
ـ تقصد بالزواج؟
ـ ليس زواجاً دائمياً.. على الأقل عقد مؤقت..
ـ ماذا يعني هذا العقد؟ هل هو على الورق؟
ـ كلا، يكفي أن ننطق ببعض الكلمات.. وأن نتفق على مدّة معينة.. وأن أهديكِ مبلغاً من المال بما يرضيك..
قالت باستغراب:
ـ مال؟
ـ نعم، كهدية العقد.
ـ وبعدها؟
ـ بعدها.. لن يكون هناك حاجزٌ بيننا..
ـ لن تؤثر هذه الكلمات عليّ؟