{يونس}
دخلتُ غرفته بعدما أخبرتني ماسة أنه يدرس فيها.. لم يرفع رأسه عن الدفتر الذي كان يدوّن فيه ملاحظات من المادة حين سألني:
ـ هالمرة شنو؟
تنحنحت وجلستُ على سريره مع كتابي:
ـ لا اني ولا ماسة كدرنا نفهم الموضوع.
ترك قلمه على الدفتر ونهض ليجلس عندي.. ثم أخذ الكتاب مني وألقى نظرة على الموضوع.. وبدأ يشرح مسهلاً الموضوع قدر المستطاع ليستوعبه عقلي المتعب من كثرة الدراسة.. إنه يكاد يكون ببراعة نائل في الشرح.. لكنه ليس طويل الصبر كنائل.. لقد استنتجتُ ذلك في عدّة مرات منذ غياب نائل.. حيث فقد أعصابه وهو يشرح للمرة الألف عن موضوع لم أستوعبه.. لكنه اليوم بدا هادئاً أكثر.. أو ربما هو متعب.. سألته بحذر بعدما انتهينا من الدرس:
ـ صاير شي وياك؟ شكلك تعبان.
دلك جبينه مجيباً بصوت منخفض:
ـ عندي دراسة هواي، بس ما اكدر اغيب عن الشغل لأن أحتاج الفلوس.
لا أفهم سبب قسوة عمي في هذا الموضوع.. أليس تركيز رائد في دراسته أهم من العمل الآن؟.. حمدتُ الله في نفسي على رفق والدي بي.. ثم قلت:
ـ تريد أروح بدالك؟
ـ خليك بدراستك انت سادس.
ـ يوم واحد ما يأثر.
ـ ما راح يقبل أبويه.
ـ معليك اني اقنعه.
تفحصني بنظرة جانبية.. فربتُّ على كتفه وأنا أنهض:
ـ اعتمد عليّه.
حملتُ كتابي معي وعدتُ إلى منزلي.. عليّ أن أدرس أكثر اليوم لأتمكن من العمل غداً دون أن يتأثر جدول دراستي..
{رائد}
لا أعرف كيف.. لكنه نجح بالفعل باقناع والدي بالأمر.. وحصلتُ على يوم اضافي للدراسة من أجل الامتحان القادم.. كان ذلك كافياً ليخفف الضغط عليّ ويشعرني بثقةٍ أكبر إزاء الامتحان القادم.. لكني تعلمتُ درس ألا أترك دراستي تتراكم.. وحالما انتهيتُ من تقديم الامتحان أخذتُ ماسة ويونس إلى مطعم حيث دعوتهما على وجبة عشاء على حسابي.. كان ذلك من أجل ردّ الجميل ليونس.. لكن بالطبع لا يمكنني فعل ذلك دون أخذ ماسة معنا.. قد تلاحقنا لعناتها إلى الممات..
قال يونس وهو يأخذ قطعة أخرى من ريش الغنم:
ـ تخيلوا احنه مستمتعين بهالأكلات المعدلة ونائل مكضيها فلافل.
تحرّكت عيناي تلقائياً إلى ماسة.. لاحظتُ تعكر مزاجها وهي تغطّ البطاطس المقلية في الصلصة.. قلتُ قبل أن أرتشف من المشروب الغازي:
ـ تظل الفلافل أرحم من الأكل الهندي، راحت معدته المسكين.
قالت ماسة ليونس وهي تغير الموضوع: