{يونس}
بعد قضاء ساعات ممتعة في المدينة استأذن خالي ليأخذ محمد إلى بيت صديقه الذي يحتفل بيوم ميلاده.. فبقينا أنا وبراء وكان وقت الغداء قد حلّ والجوع قد تمكن منا.. فقالت بابتسامة ماكرة:
ـ شنو رأيك ناكل بمطعم هندي؟
ضيقتُ عينَي قائلاً:
ـ مو اكلهم حار؟
ـ مو كله..
استسلمتُ لرغبتها وأخذتني إلى أقرب مطعم هندي.. ثم وأثناء القائنا نظرة على قائمة الطعام قالت:
ـ ما جايه لهالمطعم قبل، شنو رأيك نجرب هالأكلة؟
أشارت بأصبعها إلى الأكلة التي بدت شديدة الحرارة..
ـ شكلها حارة، شوفيلنه غيرها.
ـ معقولة لهالدرجة ما تتحمل الحرارة؟
ـ مو سالفة ما اتحمل.. بس ما احبه..
ـ اثبتلي..
عقدتُ جبيني متسائلاً:
ـ شنو أثبت؟
ـ انك تتحمله.. راح نطلب واليكدر يكمل أكله هو اليربح التحدي..
ـ تحدي؟
أومأت برأسها بابتسامة متحمسة:
ـ اي، ويحقله يطلب اليريده من الثاني.
ضيقتُ عينَيّ بريبة.. ثم ولأنني لم أرد أن أبدو جباناً أمامها وافقت.. وليتني لم أفعل.. الوجبة كان ينبغي أن تُسمّى "جهنم".. قاومتُ حتى اللقمة الرابعة ثم استسلمت وأنا أسعل وأشرب الماء.. أما براء فكانت تأكل دون تأثر كبير.. فقط احمرار في شفتيها.. ناولتني منديل ورقي وقالت وهي تضحك:
ـ امسح العرك عن وجهك، هنه اربع لكمات شبيك احتركت.
أخذتُ المنديل ومسحتُ العرق عن وجهي وتمنيتُ لو أنني أستطيع إزالة الحرقة عن فمي بذات السهولة.. عاودتُ شرب الماء.. دون فائدة.. قالت براء وشعور الذنب واضح على وجهها:
ـ آسفة، كوم خل نروح غير مطعم، شنو يعجبك تاكل؟
ـ كملي أكلج أول.
ـ لا آكل وياك..
قلتُ بإصرار:
ـ لا إلا تكمليه..
كانت تحاول التهرب من اتمامه.. لكنها خضعت لإصراري.. ومع كل لقمة جديدة يزداد احمرار شفتيها.. وبدأت حبيبات العرق تظهر على جبينها.. كما أخذت وجنتيها تتورد.. فلم أستطع تركها تتعذب أكثر ونهضت قائلاً:
ـ امشي ناكل كباب مثل الأوادم.
قامت بلهفة وأومأت برأسها.. خرجنا من المطعم وبدأنا نتجول في الشوارع المليئة بالمحلات والمطاعم.. نبحث عن مطعم يقدم الكباب.. ثم لمحتُ شخصَين جعلاني أتوقف بغتة.. ماسة.. ونائل.. وحدهما.. توقفت براء والتفتت إليّ باستغراب: