الفصل الثالث والعشرون

225 32 46
                                    



لمحتُ الجزع في عينيه قبل أن يقول:

- مستحيل اخدعها..

- لعد شتسمي السويته؟

راقبتُ صراعه مع نفسه.. ثم جلب الكرسي وجلس عندي قائلاً:

- يمكن اجه الوقت الاحجيلك كلشي..

وبالفعل.. أخبرني عن علاقته مع كريسي.. العلاقة القائمة على اتفاقات لم أتوقعها.. وكأنها صفقة عمل.. ثم وبتردد أخبرني عن آخر التطورات بينه وبين أختي.. وأنه وقت مرضه اعترف بحبه.. رغم أنه لم يكن يخطط لأمر كهذا.. ليس في وضعنا الحالي على الأقل.. لكن ماسة واجهته بالأمر.. وفي النهاية اعترفت بأنها تبادله المشاعر.. لكن شرطها كان أن يتخلص من علاقته مع كريسي أو على الأقل يضع حدود.. وكان بالفعل ينوي اقناع كريسي بإنهاء الأمر بينهما.. لكن قبل أن يجد الفرصة لفعل ذلك قامت كريسي بإخبار ماسة عن زواجها من نائل.. وتهدّم كلّ شيء.. 

كان من المفترض أن أعذره.. أن أكون ممتناً لتضحيته من أجلي.. لكني لا أستطيع تجاهل موقف ماسة من كلّ هذا.. ولا أستطيع تخيّل إنكسارها الآن.. لقد خذلها الذي وثقت به.. قلتُ بمرارة:

ـ لو موضح النه الموضوع من البداية مو جان اتجنبت هالمتاعب؟

أطرق برأسه دون أن يجد ما يقوله.. فزفرتُ بتعبٍ وقلت:

ـ خلص نائل.. لازم تشيل ماسة من بالك.

نظر إليّ بدهشة.. فقلتُ متابعاً:

ـ خلينه نغض النظر عن جرأتكم من وره ظهري، وعن خيبتي بتصرفكم.. ونركز بموضوع ماسة.. اكثر شي تكرهه هو الخداع.. وانته صح ظروفك جانت ما تسمح.. بس ما جان لازم تبدي شي وي ماسة بدون ما تنهي الي بينك وبين كريسي.. واذا اعرف ماسة عدل فمستحيل تسامحك.. راح تاخذلها فترة تتخطى الصار.. وراها تعتبرك ما موجود..

آلمني ألمه الذي لمحته في عينيه.. لكن هذه الحقيقة.. ماسة لن تسامحه.. ولو لا أن ما فعله كان من أجلي لما سامحته أيضاً.. لكن لا أستطيع أن أكون بهذه القسوة معه.. ليس وأنا أقضي أيامي الأخيرة في هذه الدنيا..



*****


لأول مرة أكون من يتظاهر بالقوة.. وهي التي لا تحاول التظاهر بشيء.. وجهها يفتقد لأي تعبير.. ونظرتها ميتة.. وكأنها تُظهر ما بداخلها.. الموت الذي تشعر به بعد أن تراكمت عليها الصدمات.. دخل الطبيب مع الممرضة وأوصلاني بالجرعة الجديدة ثم تركاني مع ماسة ويونس.. لو لا وجود يونس لظلّ الصمت يخيم على الغرفة.. حدثني عن انتقالهما إلى بيت خاله وأنه سيمرّ على شقة نائل ليجمع لي كلّ ما احتاجه.. قلتُ له بأن لا حاجة لذلك.. لأن نائل قام بالأمر قبله.. ثم حبستُ حسرتي.. رغم ظرفه إلا أن نائل لم ينسَ حقيبتي وحاجياتي.. الحيرة تدمرني.. فأنا لا أريد أن أقسو عليه وأتصرف ببرود معه.. لكن رؤية ماسة بتلك الحال يجعلني أرغب بتفريغ غضبي فيه.. قال يونس حين مرّت أكثر من ساعتين وانتهت كل الأحاديث:

اتكئ على كتفيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن