{ماسة}
سألني حالما دخلتُ غرفته:ـ ها، شلونه نائل؟
تقدمت بخطواتٍ ثقيلة وجلستُ على الكرسي بثقلٍ أكبر.. ثم تمتمت بتعب:
ـ مو زين..
زفر بضيق:
ـ اووف، حقه، منو يكدر يلومه، بس اطلع باجر اروحله.
قلتُ بخفوت:
ـ ما أنصح.. بهالشي..
عقد جبينه متسائلاً:
ـ ليش؟
لأنه قد يُفرغ غضبه فيك.. لكني قلت:
ـ خلينه نتركه هاليومين.. لحد ما يرجع لعقله..
سألني بقلق:
ـ سوه شي؟.. حجه شي؟
امتعضت وقلت:
ـ مكسر الصالة تكسر.. وفجأة قرر يرجعنا اني وياك للعراق ويبقى وحده وي رائد.. وفوك كل هذا قرر يلغي فكرة رجعته للعراق.
قال بذهول:
ـ شهالقرارات المو منطقية؟؟
ـ خليه هاليومين.. يمكن الصدمة أثّرت عليه..
ـ غلط ينترك وحده بهيج وضع.
حاولتُ اقناعه لتفادي مصيبة أخرى:
ـ هو تعود عالوحدة الظاهر، ما يريد أحد يكون يمه..
تنهد بتعبٍ وقال:
ـ عجيب.. المصايب تنزل علينه من كل مكان.. لا حول ولا قوة إلا بالله..
أطرقتُ برأسي وأنا أبتلع غصتي.. ما زلتُ أحاول استيعاب كلامه.. وجفاءه.. وتغيّر تعامله معي.. لا أعرف هل بسبب وفاة والده أم بسبب ما أخبرته به يوم أمس.. أم أن كلا الأمرين أماتا شيئاً في داخله وجعلاه يبدو كرجل قاسي بلا قلب.. بعد انتهاء موعد الزيارة تركتُ يونس وتوجهتُ إلى الاستعلامات.. سألتها برجاء:
ـ هل من طريقة لزيارة رائد في العناية؟
ـ حالته لا تسمح بذلك.
قلتُ وأنا أقاوم دموعي:
ـ أرجوكِ.. لدقائق فقط..
أظنّ بأنها فهمت مدى حاجتي لذلك الأمر.. لأنها قالت باستسلام:
ـ سأتحدث مع طبيبه ونرى ما يقوله..
أومأتُ بلهفة وأنا أحبس دموعي.. اتصلت به وأخذت تتحدث معه.. ثم اتصلت بشخص آخر وتحدثت معه أيضاً.. ثم أنهت الاتصال وقالت:
ـ ستأتي ممرضة وتأخذكِ معها، دخول غرفته يتطلب رداء خاص وهناك شروط لا بدّ من الالتزام بها.
لم يكن عندي أي أعتراض.. اخذتني إحدى الممرضات إلى قسم العناية المركزة وناولتني رداء أزرق كبير ساعدتني على غلقه من الظهر ثم وضعتُ قبعة من ذات القماش البلاستيكي الأزرق وأنهيتُ زيّي بكمامة وقفازين.. ثم ذكرت التعليمات والشروط للحفاظ على سلامة رائد وأوصلتني إلى غرفته.. قالت قبل أن تغلق الباب: