الفصل الثالث
(الماضي)
حمل الصغيرة بين يديه وهو يرمقها بانشداه, لم يتبقّ لها أحد
سواه فالأب وافته المنية قبل ولادتها ولا يعرف له عائلة والأم
شابة لم تكمل العشرين من عمرها وها هي روحها تصعد
لبارئها تاركة له ابنتها الصغيرة التي ولدت بالكاد!
يشعر بالارتباك وهو يرمق الصغيرة لا يعلم ماذا يفعل؟!
هل يأخذها للمنزل لتكون مع ابنتيه؟! ولكن ضيق الحال
يخنقه فهل سيستطيع أن يربيها أيضا دون تقصير؟!
فتحت الصغيرة عينيها فخطفت قلبه بنظرتها البريئة وأنّت
روحه من أجلها فعقد العزم وصحب الصغيرة لمنزله بعدما
أنهى أمور دفن جسد شقيقته الصغيرة التي لم ترَ من الدنيا
سوى لونها الأسود.
فتح باب المنزل لتقابله زوجته تسأله بقلق:
"أين كنت يا رجل؟ لقد نهضت ولم أجدك ولم أعلم ماذا أفعل
وأين أذهب و.."
قطعت حديثها وهي ترى الطفلة بين يديه فضربت يدها على
صدرها هاتفة بوجل:
"مَن هذه يا محسن؟ ومن أين جئتَ بها؟!"
"أجلس أولا يا سعدية فأنا منهك منذ الفجر"
قالها محسن بنزق وهو يجلس على أقرب مقعد فدخلت بعده
وأغلقت الباب وهي ترمقه بريبة تنتظره ليبدأ الحديث..
أخذ نفسا عميقا قبل أن يزفره بقوة وهو يستغفر وعيناه
تنحنيان بحزن قائلا:"استيقظت الفجر لأصلّي الفرض كالعادة
وكنت بالكاد عدت من صلاة الفجر لأسمع رنين هاتف المنزل
فركضت وأنا قلبي يقرع بقوة فأجدها جارة سِر أختي تخبرني
أنها على وشك الولادة وتطلب مني الحضور على الفور وهذا
ما فعلته فقد أغلقت الهاتف وأسرعت لها أخاف بقوة أن
يحدث لها شيء ولا ألحق بها ويبدو أنني كنت أشعر بما
سيحدث.."
صمت قليلا يبتلع ريقه الذي جفّ فناولته كوبا من الماء وهي
تشعر أن السيء قادم ولم يخب ظنّها فقد أكمل:
"ماتت فور ولادتها الطفلة يا سعدية, لم ترها حتى!"
شهقت بقوة وهي تضرب بيدها على صدرها قائلة:
أنت تقرأ
رواية ونسيت أنني أنثى بقلمي حنين أحمد (ياسمين فوزي)
عاطفيةحاربت طوال الوقت حتى تحمي نفسها وأختيها بل وقبيلتها كلها من أي شر موجّه تجاههم وكانت هي مَن تدفع الثمن كل مرة فتارة تُخطَف وتارة يتم ابتزازها وأخيرا تمَ مقايضتها بحياتها مقابل كل قبيلتها حتى نسيت أنها أنثى لها حق الدلال والحماية فهل ستظل تدفع الثمن...