مساء معطر برائحة المطر
حنينبعد فترة بعيدة جدآ.. قبل إمتحان نهاية العام الثاني الثانوي:-
قامت حنين من نومها بعد الظهيرة بكسل وتأفف تناولت طعامها. ثم إرتدت ملابس ليست ملابسها وبأسلوب ليس أسلوبها. تغافلت عن الصلاة. تغافلت عن دعاء ربها ومساعدة إخوانها وأبناء شعبها. إرتدت بنطال ضيق. وشيميز خمري اللون. وضعت عطر فواح وبعض مستحضرات التجميل المصرية الفاقع لونها. فوقهم حجاب يظهر مقدمة شعرة ورقبتها دون إحكام. كان هذا لا ينتمي لها.. منذ عام. لكن الآن هو جزء لا يتجزأ منها. تجاهلت يومها الدراسي تمامًا. والذي أشرف على الإنتهاء. جلست تتصفح الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى. وما يدعى بـ (السوشيال ميديا) علي لسانها. تشاجرت مع خالتها بسبب إهمالها للمذاكرة مع إقتراب موعد الإمتحانات.
حنين:' متقلقيش يا ميرا. كله هيبي تمام. مش هما عاوزين فلوس عشان أنجح. خلاص بقا كده فلة أوي '.
مرفت:" بت أنت.. حالك معدش عاجبني. "
حنين:' يييى بقا على أسطوانة كل يوم. معدتيش حنين اللي أعرفها. صحابك والموبايل هما السبب. الناس تقول عليكي ايه ... يقولوا اللي يقولوا انا ميهمنيش. أنا مبسوطة.. وده المهم. ' خرجت من المنزل وهي تقول جملتها الأخيرة دون دون اكتراث لمَ سيحدث على المدي القصير. تحركت إلى مقر عملها. متجر كبير لتجارة مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة والشعر. بدأت تباشر عملها وتجذب الناس بكلامها الممزوج بين العربي الفصيح والمصري. تضحك مع هذا وتتحدث مع ذلك. دون حياء أو حجاب ساتر..
بعد أن أنهت فترة العمل. خرجت مع بعض أصدقائها الذين هم مثلها.. أو هي أصبحت مثلهم. مجموعة من الفتيات والشبان. والذي يتراوح عددهم قرب العشرة. جلسوا جميعًا في مقهى ؛ ليتبادلوا الأحاديث والضحكات.
شاب منهم:" احسن حاجة حصلت الفترة دي هو حنين. بقت حلوه كده. واتحركت من الكهف بتاعها. "
فتاه أخري:" أيوه وبطلت نشرة الأخبار ودرس العربي اللي كانت بتتكلم بيه ". ضحكوا جميعًا وهي أولهم. أثناء ذلك كانت تفخر بالانجاز الذي قامت به. والتحرر الذي حصلت عليه بعد مجيئها إلى مصر. لكنها وللأسف الشديد لم تخبر أحدًا عن حقيقتها. قالت إنها كانت تعيش بدولة إندونيسيا وبعد وفاه أهلها انتقلت مع خالتها مرفت. لذلك هي لم تكن تجيد اللغة العامية. كاتمة أصل حياتها. وأنها كانت تحتمي بمصر. وأن أهلها أحياء تحت رحمة العدو المحتل. لقد خجلت من ماضيها. خافت أن يتجنبوها أو يشفقوا عليها ويتكبروا ... كما فعل طلاب مدرستها. وفي الحقيقة يجب أن يخبرها:
( افخري أنك من بيت المقدس.. إفخري كونك وُلدتِ مقاتلة. وأبيتِ الخضوع لليهود. إفخري بعلم وطنك ودماء الشهداء. إفخري أنك من أبناء المسجد الأقصى المبارك. )
____________________________دقت الساعة الثالثة عصرًا عند قيام حنين من سباتها العميق. أمسكت هاتفها تتفقد للكثير من الوقت في أشياء لا معنى لها. من هذا البرنامج إلى هذا. في دائرة السوشيال ميديا كما تُدعى حديثًا. وبعد مرور ما يقارب الخامسة. خرجت من غرفتها لتغسل وجهها وتأكل طعامها. لم تؤدي أي فرض ولم تسجد سجدة واحدة. إرتدت ملابسًا كانت دومًا تنظر لها بقرف. مستحضرات تجميل فاقعة لونها. بنطال ضيق من الجينز الثلجي وكنزة سوداء اللون فوقهم جاكت بلون الاسود أطول من الكنزة وطرحة تكشف مقدمة شعرها. حذاء ذو كعب عالى. قابلتها مرفت في طريقها للخروج:" علي فين يا ست البنات؟ "
حنين:' في إيه يا ميرا نزلة معاد شغلي '.
مرفت بغضب:" لا ما هو مش كل شوية هنتخانق على نفس الحوار. أنا مش بغني ".
حنين بعصبية أكثر:' يا نهار أبيض بقا. أنا بقولك كل مرة أنا كده كده ناجحة في الإمتحانات السودة دي. ليه أتعب نفسي.. فهميني.. ليه أقعد من حياتي وأجلها عشان إمتحانات أنا ضمنالها أصلًا. '
مرفت بعصبية:" بقولك إيه يا ست حنين. لو متقعديش زاكرتي الأسبوع اللي فاضل ده. وقسمًا بالله ما هتلحقي تتهني بشبابك. أنت فهما يا بت ". وبعد جدال طويل. إضطرت بالتنازل عن أسبوع بدلًا من عمرها بأكمله. عادت إلى غرفتها. وخلعت ملابسها. أزالت الاكسسوارات والدهانات التي ملأت بها وجهها. ثم أحضرت كوب القهوة الساخنة. وضعتها على مكتبها أحضرت كم هائل من الكتب المتراكم عليها الغبار. وضعتهم علي سريرها وجلست تبكي جوارهم. أنها بسجن مقيدة طوال هذا الأسبوع.
على مدار سنتين. أصبحت مصرية - ليست الجنسية اعني - كانت أشياء كثيرة تثبت ذلك. تثبت أنها خالطت أُناسًا آخرين عنها سيئين الطباع. حنين ذات طبع تابع تقليدي. يقلد كل من حوله سواء الصحيح منهم أو الخاطئ. والآن هي في أسواء مراحل حياتها. لأنها تبعت أناس لا يعرفون أنهم إلى ربهم راجعون. إرتدت مثلهم. تعاملت وفعلت كما رأتهم يفعلون. تحدثت مثلهم. إنتزعت منها لهجتها. تجردت من العربية الفلسطينية. أصبحت لا لغة. بعض العامية الهابط. أسلوب البلطجية. لقد خلطت بينهم وصنعت لغلة خاصة بها. لغة لا تنتمي لها. ولا أتمنى أن تنتمي لها.
بقلم كاتبة العصر..____________________________
” تعلم كيف تكره !♪ “
تفاعلوووا
أنت تقرأ
قطار الثانوي 💗 🚝
Teen Fictionأعلم أنك لست الأسعد بالقدر الذي جعلك أنت... لكن ماذا إن كنت واحد من أولئك..؟!! أو أن كان واحد منهم يشبهك ويقص حكايتك أو يقص حكاية شخص آخر أنت تعرفه بالفعل..؟!! ماذا سيحدث حينئذ. ..؟!! أنه فقط مجرد سؤال يدور بعقلي!♪ في كل مرحلة من مراحل العمر.. يشعر...