حنين (النهاية)

10 7 0
                                    

مساء معطر برائحة المطر 🤍

حسنًا علي أن أعترف لكم. لقد أُغلقت صفحة حنين السوداء. وفُتحتْ ورقة بيضاء من جديد. بدأت بذكرى مشاركة السرير السعيد. البيات الشتوي.. كما أطلقتا عليه من زمنِِ بعيد!!♪..

إستيقظت حنين من نومها بعد منتصف الليل. توضأت وقرأت وردها اليومي من القرآن الكريم.
رددت دعائها:' اللهم انصر الاسلام واعز المسلمين واذل الشرك ودمر أعداء الدين.'
ثم أذن الفجر وأقامت صلاتها. جلست أمام مكتبها تذاكر بعض دروسها حتي اشرقت الشمس. إرتدت ملابسها. فستان واسع من اللون البترولي ونقاب ماليزي باللون الثمني.

خرجت من غرفتها في أحد الأحياء الشعبية بالقاهرة القديمة. ودعت خالتها ميرفت. خرجت من ذاك الحي الذي دخلته منذ زمن بعيد ترتجف من الخوف. أبتسمت إلي تلك السيدة الكبيرة التي تجلس في أحد الزوايا. دخلت إلي جامع كبير في المدينة. جلست وسط حلقة كبيرة من الأطفال؛ كمعلمة لهؤلاء الأطفال. محفِّظة لكتاب الله ومعلِّمة لسنة رسوله.
بدأت حديثها بإبتسامة مبهجة:' سلام الله عليكم جميعًا..الحمد لله الذي ملء قلوب عباده بالتقوى والإيمان، وجعل أسرارهم في مكنون صدورهم. لا يطَّلع عليها سواه، وألزمهم بعبادته وطاعته ورزقهم البركة والثواب. الحمد لله حمدًا كثيرًا.... '. بدأت درسها بهذه المقدمة. تحدث الأطفال عن أهمية التمسك بالدين.
فقد ورد عن الرسول - صلى الله عليه وسلم -:« يأتي على الناس زمان القابض على دينه كالقابض على الجمر » رواه الترمذي. في زمن قل فيه المعروف وتضاعف فيه المنكر. يأمر به الناس بالمنكر وينهون عن المعروف. ما أكثر فيه من الفتن والذنوب. زمن فضل الحياة الدنيا على الآخرة. كأنه معمرًا بها. أُناس الدعوا القوة والسلطة والغنى. ونسوا أنهم الضعفاء لا حول لهم ولا قوة. قوم جعلوا الله أهون الناظرين اليهم.... من تمسك منهم على دينه. مثل القابض علي الجمر (حملٌ شاقٍ). لا أسهل من التعلم بهذا الزمن. لا أكثر من المعلمين. كن فقط مستعد أن تصبح طالبًا للعلم. وهذا ييسر فكرة تحول من العابد إلى العالم. وإن فضل العالم على العابد كفضل البدر مقارنة بالكواكب. مضئ و مبهج. يُشع منه الإيمان. تتعلم أصول دينك. تتعرف على دينك. وتعرف من هو ربك. تتعلم الدروس الدينية والدنيوية.
أنهت حنين درسها مع الأطفال. فذهبت لزيارة ابنه عملها. حيث تسكن الآن. لقد تزوجت سلسبيل برجل مصري. عاشت معه سعيدة. جزاء ما لقيت من أثر الحروب. وجدت من يتحمل فتات فتاه هدمها اليهود..  بقايا إنسان. تعودت على حياتها كإمرأة فلسطينية مستقرة على أرض مصر الحبيبة.

حنين تذهب للجامعة لتدرس بكلية علوم شرعية بعين شمس. تحضر دروسها بإهتمام. تدرِّس بالجامع لبعض الأطفال. تعلمهم أصول دينهم وكتاب ربهم ونسة رسولهم. ومنه تحصل على مقابل مادي لمساعدة خالتها في بعض مصاريفها. رغم حصولها على المال جزاء ما تؤديه من عمل. إلى أنه في سبيل الله. كما تَعقد نيتك تحاسب.. تساهم في مشروع تطوعي للدعوة العامة. لهداية العاصي. وإيقاظ الغافل -بفضل من الله-.
عادت إلى منزلها نهاية اليوم أقامت فرضها الأخير. إغتسلت وأرتدت ملابس منزلية مريحة. ساعدت خالتها في بعض أغراض المنزل. تناولتا العشاء خلدت إلي النوم. تدعو إلى عائلتها بالرحمة. والديها. إخوانها. عمها وزوجته. تفكر في القرار الذي ستتخذه غدًا. قرار مصيري.
____________________________

اليوم التالي:.
حنين:' حسنًا.. متفقة معكِ. هناك الحاجة أكبر للدعوه. ولكن الأمر ليس بهذه السهولة '.
الطرف الآخر:" أعلم مقصدك. ولكن جربي حنين.. لن تخسري الكثير صدقيني. لن يكون الأمر بهذه الدراما... تذكري الثواب. والسعادة. مقعدك بالجنة. وأنت سبب في دخول إنسان الإسلام. لا تفوتي علي نفسك تلك التجارة الرابحة. ". أغلقت مع صديقتها الهاتف عند وصولي إلي مقر الكلية. وقد حسمت أمرها. تجارة لن تبور.
____________________________

مطار القاهرة الدولي:..
تقف تلك المرأة من جديد لتودع حنين مرة أخرى. كما عادت سترحل. كأن شئ لم يحصل. المكان ذاته.. منذ أكثر من 6 سنوات. عندما كانت مراهقة صغيرة. هاربة من اليهود الذين احتلوا أرضها. تذكرت اللحظات الأولى لها بمصر. خالتها الجديدة والعظيمة. تلقي عليها نظرة توديع أخيرة. نظرة دامعة وذابلة. عكس ما كان بالسابق. تذكرت الأحداث التي حصلت خلال هؤلاء السنوات. الجيد منها والسئ. السعيد والحزين. تحمد خالقها علي نعمة الإسلام وكل النعم التي أنعمها بها. تشكر مصر بلد الامن والامان على إحتوائها لها في أضعف مراحل عمرها. وأكثرهم طيشًا. تعلمت علها دروس كثيرة وقاسية. نضجت فيهم بما يكفي؛ كي تصبح ما هى عليه الآن. قد لا تكون موطنها الأصلي. لكن بشكل ما تنتمي إليه. لم تعامل كإنسان يومًا قبل مجيئها لهذه البلد. والآن.... ستغادر مجددًا.. كما جاءت من المجهول. سترحل إلى مجهول آخر. ولا تعلم إن كانت ستعود إلى هنا مجددًا أم لا. كل ما تعلمه أنها تحب مصر كأبناءها تمامًا.
” أبلغوا لمصر سلامي. وأخبروها أنها مأواي.
وأن أرضها موطني. ومها بلغني العمر،
سأتذكرها.. وأذكرها في دعائي.
وطني وإن لم أُلد به!. “. أغلقت هاتفها بعد أن دونت تلك الذكرى. وشردت في الكثير والكثير. مِن الذي لا يُوصف أو يُحكي. ذاك الذي يختنق به الإنسان ولا يستطيع إخراجه.
:" بالرجاء أيها المسافرون التأكد من ربط حزام الامان. لأن الطائرة ستنطلق على الفور ".

بقلم كاتبة العصر ____________________________

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

بقلم كاتبة العصر
____________________________

(*♪ النهاية ♪*)

قطار الثانوي 💗 🚝حيث تعيش القصص. اكتشف الآن