الفصل الثامن عشر: المد و الجزر.

3.8K 144 5
                                    

لوسيانا كانت مستلقية على سريرها في المستشفى، غارقة في أفكارها، مسترجعة كل ما عاشته منذ أن وطأت قدمها إيطاليا

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

لوسيانا كانت مستلقية على سريرها في المستشفى، غارقة في أفكارها، مسترجعة كل ما عاشته منذ أن وطأت قدمها إيطاليا. تلك الأشهر القليلة بدت كأنها أعمار من التجارب، أحداث متتالية، بعضها أدهشها، بعضها أثار اشمئزازها، وآخر ملأها بالدهشة. لكن وسط كل تلك المشاعر المتضاربة، وجدت نفسها تتفهم طبيعة الحياة، تلك التناقضات التي تمنحها حلاوة. أدركت أن المرارة ضرورية لتذوق حلاوة الحياة، وأن كل تجربة، مهما كانت قاسية، تحمل درسًا مخفيًا.

جلست في النهاية، محاولة التخلص من الملل الذي تسلل إليها. قررت الخروج من غرفتها والتمشي قليلًا. وما إن فتحت الباب، حتى وقع بصرها على كيليان، واقفًا بالقرب من مكتب الممرضة، يتحدث بصوت بارد خالٍ من المشاعر: "كيف حالها الآن؟ هل نبضها مستقر؟"

قبل أن تجيب الممرضة، تدخلت لوسيانا بصوت دافئ وبأسلوب ممازح: "لماذا لا تستدر لترى بنفسك؟"

استدار كيليان ببطء، ورسمت على شفتيه ابتسامة لطيفة أظهرت غمازته المميزة. "ومن قال أنني كنت أسأل عنكِ؟" رد بنبرة تحمل بين طياتها الاستفزاز، ويداه متكئتان داخل جيوب بنطاله.

احمرت وجنتا لوسيانا خجلاً، حاولت أن تخفي خيبة أملها الطفيفة برد سريع ممزوج بقليل من الاستفزاز: "ظننت... لكني نسيت أن بعض الظن إثم." ثم همست بين شفتيها، بالكاد مسموعة: "مغرور."

أدارت ظهرها متجهة نحو الحديقة الداخلية للمشفى، لكنها لم تكد تخطو بضع خطوات حتى خانها جسدها. شعرت بدوار طفيف، ربما بسبب الاستلقاء الطويل أو تأثير الأدوية. ظنت للحظة أنها ستسقط، لكن قبل أن تلامس الأرض، كانت بين ذراعي كيليان.

التقت أعينهما للحظات، كانت تلك اللحظة تعيدهما إلى المرة الأولى التي التقيا فيها عند وصولها إلى إيطاليا. عيناه الزرقاوتان، اللتان تتخللهما خطوط سوداء كثيفة، أعطت عمقًا لوجهه المتحفظ. رموشه الطويلة والسوداء بدت كأنها غير حقيقية، جاعلة إياها تتساءل كيف يمكن لشخص أن يمتلك هذا الجمال الطبيعي. أما كيليان، فقد شعر أن عيني لوسيانا الخضراوين المتوهجتين كالضوء تسطعان في حياته، كانت تحملان في داخلهما ذلك المزيج الفريد بين الأصفر والأخضر، وكأنهما مفتاح سلامه الداخلي وسط الفوضى التي تحيط به.

LUCIANA حيث تعيش القصص. اكتشف الآن