3

132 9 11
                                    

لطمت فمي وعيناي مركزتان على الشاشة، هممت بالقبض على الهاتف لألغي الصداقة لكن فاجأني إشعار جعل شعر رأسي يقف من تحت شالي... لقد وصلتني رسالة منه فور قبولي.

رفعت بصري مستنجدة نحو صديقتيّ فأسرعت هند بفتح الرسالة لترى فحواها، فكان نصها كلمة واحدة:

"مرحبا"

جلست ماريا القرفصاء على الأرض وهي تزفر أنفاسها بصعوبة رعبا، صدقيني يا ماريا أنا التي سيغشى علي يا عزيزتي! وبالرغم من تلعثم حروفي التي خرجت متقطعة من فمي سألت هند:

"ما ما ما ماذا الآن؟"

التقطت هند الهاتف من أمامي وطبعت ردا تقول فيه:

"أهلا"

خطف ردها لوني، فأخذت منها الهاتف عنوة، ألقيت نظرة على الشاشة بذعر بائن، وأكاد أقسم أن جبيني يقطر عرقا بالرغم من برودة الأجواء، انتظرت منه ردا لكنه بدا لي كأنه فقد الاتصال، فأغلقت الهاتف ودسسته عميقا في حقيبتي بينما أحدج هند بنظرة ساخطة، لكنها لم تهتم لغضبي، وقالت ببرود:

"ستشكرينني لاحقا صدقيني! لا تخشي شيئا فواضح أنه لا يعرف صاحبة الحساب ستكونين بخير، كل ما عليك فعله أن تجريه للحديث معك بخصوصياته، وبما أنه لن يعرف مع من يتراسل سيبقي ذلك في داخله لذة للجري خلفك"

كان لماريا رأي مخالف، لكن هند أصرت على رأيها، أما أنا فقد أصابني شلل فكري حقا، ولو كان التفكير مرتبطا بالكلية بشكل متين لأصبت فورا بفشل كلوي لا محالة.

هربت من الغرفة الصفية لأخرج من المدرسة وأتنفس هواء نقيا في الخارج يعدل تفكيري الذي سممته هند للتو، وعندما وصلت نهاية السلالم أصيبت عيناي بحادث بصري، والمتسبب بالحادث هو لا غير.. السيد سديم! كان يغلق باب مكتبه وهو خارج منه، فالتفت إلي على أثر شهقتي الخافتة والتي تسلل صوتها قبل أن يختنق إلى أذنيه. أكان يتراسل معي من داخل مكتبه؟ يا للهول! هل يعرف أنني صاحبة الحساب؟وقبل أن يهم بقول شيء أسرعت الخطى لأتخطاه وأخرج من الباب... ومع ذلك فالفأل السيء أقسم أن يثبت جذوره في داخلي، فوقعت أسيرة حادث مأساوي آخر...

هبطت هند السلالم بينما كانت تتشاجر مع ماريا لفظيا، وحينما كانتا في طريقهما إلي بينما اقتربت من الباب وإذ بهند تتعثر في مشيها فكادت تصدم بالمدير الذي وكردّ فعل سريع منه ابتعد عن طريقها لئلا تقع في أحضانه فاصطدم ظهره بي بقوة، فكدت أهوي على وجهي لولا تمسكه بي في آخر لحظة من ذراعي، جذبني بسرعة ملتفّة صوبه فأسرعت بمدّ كفيّ أمامي فالتصقتا بصدره وهوى جسدي أسيرا بين أحضانه، وفي ذات اللحظة سمعت صوت ارتطام ظهره بدعامة الباب فتسلل تأوه صغير هرب من بين شفتيه إلى مسامعي.

كان مرتكزا بجسده على دعامة الباب خلفه ولولا ذلك لهوى على ظهره أرضا، أما أنا فكنت مرتكزة عليه هو! أي موقف محرج وقعت فيه الآن؟ ماذا أفعل؟ وكيف أتصرف؟ ليس كأن النهوض عنه سهل، فلكي أعتدل مستقيمة علي الضغط على صدره قليلا، وطبعا لا أحمل من الجرأة ما يعينني على ذلك، وأيضا إذا رفعت رأسي ستلتقي نظراتنا، ولست مستعدة لرؤية وجهه على أثر هذه الواقعة المحرجة.

بدأت برسالةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن