جسدي منهك، لكنني لا أجد للنوم سبيلا...
فبينما استنزفت جوارحي بالرقص وارتداء الكعب العالي فإن سيل الأفكار والخواطر في بالي لم تصل عربتها إلى محطة الراحة.
يؤلمني بشدة ما بلغته في مشواري معه حتى الآن، فكأنني أقف بين منحدرين، محتارة في أيهما أهبط... هل من الخير لي أن أسانده وأتفهم وضعه وأتقبل الأسوأ من المستقبل القادم معه؟ أو أن أستسلم وأنا في بداية الطريق لفكرة أننا غير مناسبين لبعضنا؟
وعلى الصعيد الثاني فإنني لا أجد الدعم الكافي من أي من الأشخاص المحيطين بي، ربما ما عدا ليليا..
أمي ما زالت متضايقة من موقفه السابق معي حينما تركني وهرع راكضا لابنته، وأعتقد أنها حدّثت والدي بذلك قبل استقبالهما له على العشاء، ففي كل سنين حياتي لم تمر علي أجواء متكهربة من الصمت الثقيل كما حصل على العشاء مساء هذا اليوم الحافل.
لا أريد أن أفكر إذا كان قد استشعر شيئا أم لا، لأن أفكاري مزدحمة ولا أجد متسعا بينها للتفكير بذلك حتى.
وعدا عن وجوم والديّ واستقبالهما الجاف له، فإن هند لم تتوقف عن إرسال الرسائل إلى هاتفي وهي تعبر لي عن اشمئزازها منه لإحضاره ابنته لتشهد خطبة والدها، لكن بأي حق أمنعه من ذلك؟ أحيانا لا أفهم المنطق الذي تفكر منه هند.
وكإكسسوارات لكل الفوضى التي أعوم وسطها فإن زميلاتي أيضا ملأن عداد الرسائل بأسئلتهن الفضولية عنه، وعن مدى صحة كونه أبا... متى كان متزوجا؟ وهل هو متزوج في الوقت الحالي؟ كيف رضيت بالارتباط برجل متزوج؟ أم يا تراه أرمل أو طلق زوجته؟ لماذا طلقها؟ ... وغيرها الكثير والكثير من الاستفسارات التي أوصلتني قريبا من حد الانفجار، فأغلقت هاتفي ودسسته أسفل وسادتي لعلي أتمكن من النوم ولو لمدة ساعة، أريد لهذا اليوم بكل مشاحناته أن ينتهي فقط!
***
صنعت كوبا من القهوة الكريمية سريعة التحضير، وحررت إصبعا من الشوكولاه من تغليفه اللذيذ لِلْعَين، لأصنع أجواء حميمية تنسيني كدر الأمس، وجلست إلى جهاز الحاسوب الخاص بي، قطرات من الغيث الرقيق يطرق نافذة غرفتي ليطربني بألحانه، كأنه يمهد لي خطوتي القادمة... نعم، قررت أن أكتب قصة جديدة تجلي عني بعضا من غمي، فإذا لم أخاطب ورقتي ربما أنفجر.
وكالعادة كتبت قصة بنهاية حزينة، عن زوجين يعيشان حياة الفقر، وفي يوم ما نال الزوج مكافأة مالية بملغ كبير، فأرسل زوجته إلى السوق لتشتري كل ما كانت تحلم به من لباس ومتاع. اختارت كل قطعة بعناية، ولم تبقي في نفسها شيئا. وفي طريق عودتها إلى البيت دهستها سيارة مسرعة لتتبعثر حاجياتها وملابسها وتفترش على أرض الشارع مستسلمة للموت معها، تبخرت أمانيها في ظهيرة الخامس من أغسطس وتوارت تحت الثرى، والأمل من مقلتيها المتحجرتين قد غاص في سبات أبدي...
أنت تقرأ
بدأت برسالة
Romanceوصلت باب المكتب وهممت بقرعه لألج داخل عرينه، وربما أستطيع وصفه بهذا التشبيه؛ حينما أفتح الباب فكأنني على وشك أن ألمح شاطئ البحر ساعة الشروق، بصفحات مائه اللامعة، قطرات الماء تتلألأ وهي تعانق وجه الشمس التي تسطع من خلف مسافات ممتدة من ذاك البحر الواس...