تفاجأت بسهرة عائلية مشتركة، حيث انضمت ليليا وزوجها إلينا، أعتقد أن أمي أنبأتها بالخبر.
كما انضم فادي إلينا بعدما عاد من العمل متأخرا، لأن السيد عنان أقام مأدبة عشاء لموظفيه من بينهم فادي، لكنه بدا لي جاهلا بما يخص مكالمة السيد سديم مع أبي، حتى باغت يوسف بسؤاله لي فتأكدت من ظنوني:
"كم عمر مديرك؟"
نظر إليه فادي متعجبا، بينما كنت أنحني لوضع صينية كؤوس الشاي على الطاولة، جلست على الأرض وتناولت الإبريق من فادي لأسكب الشاي في الكؤوس، ثم أجبت متصنعة اللامبالاة:
"إنه في الثالثة والثلاثين من العمر"
هزت ليليا رأسها بصمت وأجابت بهدوء مريب:
"إنه في سن مناسب "
فتساءل فادي بريبة:
"مناسب لماذا؟"
نهضت ليليا عن الأريكة بجانب زوجها ثم اتجهت نحوي وسحبتني من ذراعي على مرأى من عيون الجميع، مستأذنة بوقت مستقطع منهم، وصولا إلى غرفتي، أغلقت الباب خلفها ثم قالت على الفور دون مقدمات:
"أنا لست أفهم شيئا، ألم تقولي لي أنه متزوج؟ "
عقدت أصابعي بتوتر وأجبتها:
"القصة طويلة بعض الشيء.."
- "اختصريها في كلمتين، هل هو متزوج أم لا؟"
تنهدت على مهل ثم قلت:
"حاليا لا، لكنه كان متزوجا سابقا، طلق زوجته منذ سنتين تقريبا..."
- "و؟... أشعر أن هناك تتمة للقصة!"
إنها دائما تضبطني، لا أعرف كيف لكنها تفهم إيحاءات وجهي أكثر من أي شخص آخر، أعتقد أنه كان يتوجب عليها أن تدرس علم النفس في الجامعة!
عضضت على ظفري بتوتر وأجبتها:
"و... لديه طفلة!"
صمتت برهة وهي تنظر في عيني بدهشة وقالت:
"طفلة؟! ألن يشكل ذلك مشكلة لك؟ أنت لم تجربي الزواج من قبل لكي تضحي بقبولك برجل مطلق ولديه ابنة! كما أنك ما زلت في فترة العشرينيات، لم تفقدي الأمل بعد! هل يعلم والداي بالأمر؟"
تجاهلت ردها الذي نهشني من الداخل منذ الصباح، فكل ما قالته جزء من مخاوفي الدفينة التي لم أستطع حتى أن أحدث بها نفسي، والآن تبدو لي كصوت ضميري المكبوت وهي تواجهني بالحقيقة المرعبة. أومأت بالنفي وأجبتها باختصار:
" سأترك الأمر له ليبوح بالخبر"
- "وبعد ذلك؟"
- "لا أعلم"
- "ماذا لو رفضه أبي؟"
دب علي الصمت وأشحت بصري نحو الأرض في ضيق، جزء مني يريد أن يصرخ برغبتي بالارتباط به، لكنني خائفة! أمسكت بكفيّ واحتضنتهما ثم قالت:
أنت تقرأ
بدأت برسالة
Romanceوصلت باب المكتب وهممت بقرعه لألج داخل عرينه، وربما أستطيع وصفه بهذا التشبيه؛ حينما أفتح الباب فكأنني على وشك أن ألمح شاطئ البحر ساعة الشروق، بصفحات مائه اللامعة، قطرات الماء تتلألأ وهي تعانق وجه الشمس التي تسطع من خلف مسافات ممتدة من ذاك البحر الواس...