"لماذا تنظرين إلي هكذا؟"
قطبت حاجبيها كناية عن استيائها من نظرة الاتهام الصريحة التي رمقتها بها. حافظت على جمودي ودون أن أرمش جادلتها:
"واضح جدا أنك تريدين لعب دور الصعبة، لم أرك يوما بهذه السعادة في حضوره وتلك الابتسامة العريضة التي شقت القمر من اتساعها، أم كل ذلك لأنه فاجأك بهدية فرخصت لأجله؟"
هرعت نحو باب غرفتها الصفية لتغلقه وعادت إلى حيث أقف بجانب طاولتها، بينما ماريا لاذت بالفرار إلى أحد المقاعد الخلفية وقد أرعبتها الشرارة المتقدة بيننا.
اتكأت هند بيدها على طرف طاولتها ثم قالت ببطء كأنها تريدني أن أفهم عليها دون حاجة لإعادة الكلام مرتين:
"في البداية، أنت تغيرت كثيرا بعد انحراف مشاعرك بطريقة سيئة نحو ذلك الثعبان! لا تخشي شيئا يا عاشقة فأنا لن أسرقه منك! دار بيننا حديث ودي واعتذر مني على ما بدر منه، هذا كل شيء، هل تريدنني أن أقابل اعتذاره بغلظة؟ ألست أنت نفسك نبهت علي ألا أتمادى في إثارة غضبه؟ ثم عن أي هدية تتحدثين؟ هو لم يعطني هدية!"
- "بلى أعطاك! لا تراوغي! ها هي هناك أسفل الطاولة لقد لمحتها، إذا كنت تخشين أن تثيري غيرتي فاحتفظي بمخاوفك فقد أهداني أنا أيضا هدية، إذن لستِ مميزة عنده!"
فغرت فاهها مصعوقة وبلمح البصر كانت ماريا إلى جوارها تحمل الصدمة ذاتها، لتجيبني هند أخيرا:
"أحد طلبتي فاجأني بالهدية فور دخولي المدرسة قبل اتجاهي إلى مكتب المدير!"
فتحت عينيّ مذهولة بكلامها، فأردفت وهي لا تستطيع محو الصعقة عن وجهها، وإصعبها يشير إلى الهدية التي احتضنتها إلى صدري:
"السيد سديم... أعطاك هدية؟! هل حصل بينكما شيء في بيته لم تسرديه لي ساعد على تطور الأمور بينكما؟"
- "لا!... كانت هدية اعتذار! أليست خاصتك هدية اعتذار أيضا؟! كفي عن إخفاء الأمر لن أغضب!"
هزت رأسها هي وماريا التي أكدت علي أيضا أنها رأت الطالب بعينيها وهو يهدي هند الهدية، ثم اقتربتا مني بهدوء وهما تحاولان إخفاء نظرة استمتاع سمجة من محياهما، وسحبت ماريا الهدية من يدي بسرعة بينما ثبتتني هند وأنا أحاول جاهدة إيقافهما.
أسرعت ماريا بفتح الهدية متجاهلة رجائي بألا تفتحها وكلي إحراج من الموقف برمته، فوجدت في داخلها زجاجة عطر جميلة المظهر، وهنا زادت مشاكستهما لي، وهما ترميان لي كلاما محرجا عن العشق والغرام الذي لا بد أن السيد سديم يكنه لي، بل أن ماريا قامت برش شيء من العطر على شالي حتى تتعرفا على رائحته، وبالطبع لم يخالف ذوقه توقعنا فقد كانت رائحة العطر تحمل من الأنوثة ما يأسر الألباب. لكن لم أكن في موضع مناسب لأن أظهر استحساني لتلك الرائحة الزكية.
أنت تقرأ
بدأت برسالة
Romanceوصلت باب المكتب وهممت بقرعه لألج داخل عرينه، وربما أستطيع وصفه بهذا التشبيه؛ حينما أفتح الباب فكأنني على وشك أن ألمح شاطئ البحر ساعة الشروق، بصفحات مائه اللامعة، قطرات الماء تتلألأ وهي تعانق وجه الشمس التي تسطع من خلف مسافات ممتدة من ذاك البحر الواس...