اعتذر بخفوت عن المقاطعة وهم بالخروج، فخشيت أن ينقل شيئا للسيد سديم فينتهي أمري، يجب أن أوقفه! أسرعت بالنداء له ليتوقف، دست على قدمي التي تؤلمني بقوة فوقعت أرضا أئن من ألمها.
توقف فورا وعاد إلي يسألني إن كنت بحاجة إلى المساعدة، اتكأت على الرفوف المغلقة لخزائن الأرشيف وساعدت نفسي على الوقوف، رفعت بصري إليه بتوسل وهتفت له:
"أرجوك لا تقل للمدير شيئا عني"
- "ماذا تقصدين؟"
- "أنت تفهم مقصدي، أرجوك أنا مستعدة لفعل أي شيء لكن لا تذكر أمامه ما حصل في مركز الشرطة، إنه مديري، استر عني ما رأيت!"
ابتعد قليلا وأعطاني ظهره ليهم بالخروج ثم قال:
"انتبهي يا بنت لأسلوبك في الطلب، فكلمة (أي شيء) يمكن استغلالها من عديمي الأخلاق وما أكثرهم في مجتمعاتنا، بالنسبة لسديم لن أقول شيئا على شرط، ألا يخرج منك تصرف يسيء إليه وإلى مدرسته"
أكدت عليه بقولي:
"أنا بارعة في الفصل، فأنا لا أخلط بين العمل وحياتي الشخصية، وأنا لست بفتاة سوء وعائلتنا عائلة محترمة أقسم على ذلك، لكننا مررنا بظرف وكل الناس يمرون بظروف"
التفت إلي برأسه وقال:
"أعرف... أنا أعلم كل شيء عنك، هل كنت تظنين أنني سأجعل فادي يعمل لدي دون التحقيق معه في خلفية عائلته؟ لنقل أنني عدلت الكثير من المعلومات المغلوطة في دماغي عنكم، لكن..."
تأنى قليلا قبل أن يضيف:
"لو كنت مكان والدك لما أخذت منك قرشا، فمسؤولية البيت وسداد الديون تقع عليه كونه رب الأسرة بدل استغلال ابنته وحرمانها من أقل حقوقها "
لا أعرف لماذا قال ذلك، ومع أن أي شخص يمكن أن يتفق معه في وجهة نظره إلا أنه أغاظني، وهنا أعربت عن ضيقي، قلت لكم أنني في طور التغير...
"أنا أعتذر إليك فأنا لا أوافقك الرأي! فأي أنانية تعيش وتنعم بالمال وأهلها بحاجة ماسة إلى مساعدة مادية؟ لأن أُحرم من كل قرش من راتبي أهون مليون مرة من تخيل منظر أبي يدق الأبواب توسلا، لا أعرف أي فكرة كونتها عنا لكنني أنتمي لعائلة عزيزة النفس تأكل الزيت والخبز في الضيق وتتظاهر بالرخاء أمام الخلق... الثراء ليس بالأموال بل الثراء هو غنى النفس"
استدار نحوي وعلى محياه نظرة عميقة وجهها إلي، حافظت على صلابة نظراتي، ثم ابتسم قليلا وقال:
"دعيني أحزر... فادي مقرب إليك كثيرا صحيح؟ إنه دائما ما يذكرك بالخير بل لا يتوقف عن الحديث عنك، عيناه تبرقان بشدة كل مرة يلحّن فيها لسانه اسمك"
احمرت وجنتاي قليلا وأنا أفكر بكلامه، زم شفتيه وهو يفكر في شيء ثم قال:
"لدي ابن مغترب عن البلاد، إنه يدرس طب الجراحة، سيأتي في زيارة في العطلة الشتوية.."
أنت تقرأ
بدأت برسالة
Romanceوصلت باب المكتب وهممت بقرعه لألج داخل عرينه، وربما أستطيع وصفه بهذا التشبيه؛ حينما أفتح الباب فكأنني على وشك أن ألمح شاطئ البحر ساعة الشروق، بصفحات مائه اللامعة، قطرات الماء تتلألأ وهي تعانق وجه الشمس التي تسطع من خلف مسافات ممتدة من ذاك البحر الواس...