تشابكت أذرعنا وسرنا على مهلنا حتى بلغنا أبواب القاعة. كانت المصورة تعطينا إرشادات للدخول والنظر إلى عدسة التصوير.
انتظرنا حتى فتحت الأبواب، ولو أستطيع وصف توتري في تلك اللحظة لما أسعفتني الكلمات. لا أدري إن كان عيبا في شخصيتي لكنني أكره أن أكون موضع الأضواء، حيث الكل يتجه بأنظاره إليك يتفحصك بالكامل، فلا تستطيع أن تتصرف على سجيتك.
سرنا في الممشى الطويل بينما أوزع نظري في أرجاء القاعة بحثا عن عائلتي لأشعر بالأمان، لاحظت قدوم عدد لا بأس به من كادر المدرسة لأتذكر أن سديم أرسل للجميع دعوة إلكترونية، ومن بينهم وقعت عيناي على صديقاتي المقربات، هند وماريا وأروى، فأشرق ركن السعادة في داخلي، لوّحت لهن مع ابتسامة صادقة فلوحن لي بالمقابل.
لمحت عيناي أمي وليليا وجنى يقفن أمام إحدى الطاولات وهن بانتظار دخولي، مع مبسمهن المريح، فكانت تلك اللحظة كنسمة سلام على قلبي لأنسى شيئا من توتري.
كما لمحت أختيه وأمه وزوجة أخيه على الجهة المقابلة بزينتهن الملفتة، السيدة أحلام امرأة جميلة وأنا متأكدة أنها في صغرها كانت غاية في التألق، ذلك لأن سديم ورث بعض جماله منها.
بالنسبة لسحر ومرح فكل منهما تحمل جمالها الخاص ولا أستطيع الجزم أيهما أجمل من الأخرى. خلفهما على ذات الطاولة اصطادت عيناي ألما وهي ترتدي فستانا أحمر جعلها موضع اهتمام الكثير من العيون، لو كنت مكان والدها وجدتها لأرقيتها من الحسد بعد الحفلة. لوهلة لم أكد أستطيع إبعاد عيني عنها.
كانت تنظر إلينا وهي جالسة على الكرسي تتأملنا بصمت، لم تقف كما فعل الأطفال من حولها وهم يصفقون بمرح، بل اكتفت بهالة الهدوء التي منذ تعرفت إليها وهي تسير تحتها.
وصلنا البقعة التي حددتها لنا المصورة وتوقفنا أمام عدسة التصوير، ثم جيء لنا بخواتم الخطبة ليلبس كل منا الآخر خاتمه.
أعجبتني الفكرة التي قدمت لنا فيها الخواتم، حيث تم اختيار أختي جنى لتسير تحت الأضواء وهي تحمل بين يديها صينية صغيرة مزركشة، فيها تاج مفرغ تستريح في جوفه وسادة بيضاء صغيرة مستديرة الشكل، وقد تم ربط الخواتم في شبر من قماش بلون فستاني، يحيط بالوسادة.
كان سديم هو المبادر في الحصول على الخاتم الأول، فقام بحله من الشبر ليمسك بعدها بيدي بخفة ويدخل الخاتم في إصبعي بحركة بطيئة متعمدة، كأنه أراد أن يخلد اللحظة في ذاكرته، فلا عيناه فارقت نظراتي، ولا أنامله حررت يدي.
ثم جاء دوري لأصنع له بالمثل، لكنني أنجزت مهمتي بتوقيت أسرع بسبب ارتباكي. بقي جرس الإنذار في داخلي يذكرني بأنني قطعت عهدا على أن أهبه حبي الليلة، لكن التطبيق، وسط هذه الجماهير العديدة والأنظار الملتصقة بي، صعب حقا! وأخيرا أمسك بذراعيّ كأنه يثبتني واقترب مني ليطبع قبلة على جبيني جعلت كل خلاياي تنبض طلبا المساعدة من قلبي حتى لا تنفجر، فجرى الدم في عروقي سريعا لتحمر خدودي على الفور.
أنت تقرأ
بدأت برسالة
Romanceوصلت باب المكتب وهممت بقرعه لألج داخل عرينه، وربما أستطيع وصفه بهذا التشبيه؛ حينما أفتح الباب فكأنني على وشك أن ألمح شاطئ البحر ساعة الشروق، بصفحات مائه اللامعة، قطرات الماء تتلألأ وهي تعانق وجه الشمس التي تسطع من خلف مسافات ممتدة من ذاك البحر الواس...