طوال معرفتنا به خلال هاتين السنتين فإنني حققت رقما قياسيا في ركوبي سيارته، فهذه رابع مرة في شهر واحد! مع العلم أننا لم نختلط إلى هذا الحد من قبل، أو ربما كان يفرض نفسه في الأماكن التي أتواجد فيها ولم أكن أعير الأمر انتباها إلا عندما جمع بيننا موقع للتواصل الاجتماعي وزرع في داخلي شيئا من الاهتمام ناحيته؟ إنه دائما في الأرجاء لكن لم أنتبه يوما إن كانت نظراته تلاحقني أم لا، كنت جاهلة غافلة متقوقعة في عالمي الصغير قبل أن أقتحم حياته.
دائما ما سحرت بجماله، كنت أراه وسيما وذا شخصية قيادية من أول يوم وطئ فيها مدرستنا، لكنني لم أفكر يوما بأن أختلط به وبعالمه، ولم أكن أحلم منه بأكثر من زيادة في الراتب. أما الآن فإن قلبي يرتجف كلما تراءت صورته في مخيلتي أو كلما لمحت نظراته موجهة نحوي، إنه يغزو كياني بقوة لم آلفها من رجل من قبل، أهذا مستوى جديد من الإعجاب؟ أم أنني تخيطت الإعجاب بمراحل هنا؟ لا لا، لا تبغالي هذا مجرد افتنان سرعان ما سيزول عند عودة العلاقة بيننا رسمية من جديد.
- "لقد وصلنا..."
تقوس فمي بتعجب ملحوظ مما أعطاه انطباعا إلى شرودي طوال الطريق وظهر ذلك جليا في نظراته المتعمقة نحوي. فتحت باب السيارة أغمغم بعبارات شكر مقتضبة، ونزلت منها تزامنا مع رؤيتي لأبي وهو يسير عائدا إلى المبنى الذي نعيش فيه، وقتها تلاقت أنظارنا، لو أملك عجلة الزمن لأغير السيناريو الماثل أمام عينيه! ما الذي علي فعله الآن؟ كيف أتصرف؟
ركض ناحيتي على الأرض المبتلة، وقد توقف هطول المطر لبعض الوقت، صرخ هاتفا باسمي، ومن شدة ذعري كدت أن أركب السيارة مجددا لأهرب من مواجهته، توقف قريبا من موضعي، ثم جاءني استفساره بنبرة مهددة:
"أين كنت؟ بحثت عنك في المنطقة كلها؟"
ترجل السيد سديم من السيارة فورا ودون تردد اتجه نحو والدي الذي أخذته الصدمة لوهلة، مد يد المصافحة له وقال:
"لا داعي للقلق عليها، كانت بين أيد أمينة، أردت تسليم الأمانة بنفسي والحمد لله قد فعلت، إذا احتجت لمساعدة في أي شيء فلا تتوانى عن الاتصال بي"
رد له أبي عبارات شكر مطولة، ثم عاد السيد سديم نحوي وأمرني بالتوجه إلى البيت برفقة أبي قبل أن تهاجمنا الأمطار من جديد، ثم ركب سيارته ومضى مبتعدا.
اقترب أبي صوبي ومد لي ذراعه لأتمسك بها، ففعلت متجنبة النظر إليه، وصعد بي المبنى صامتا إلى حيث شقتنا.
حينما فتح الباب دفعني لأدخل قبله، فهبت أمي وفادي باتجاهي دفعة واحدة وهما يمطرانني بأسئلتهما عن مكاني وما حل بي، بل أن أمي أذهلها مظهري بهذا اللباس غير المعتاد مني، فقطبت جبينها وهي تتجول بعينيها علي.
أخيرا تحدث أبي ليتولى الشرح قائلا:
"وجدتها مقابل المبنى برفقة مديرها"
أنت تقرأ
بدأت برسالة
Romanceوصلت باب المكتب وهممت بقرعه لألج داخل عرينه، وربما أستطيع وصفه بهذا التشبيه؛ حينما أفتح الباب فكأنني على وشك أن ألمح شاطئ البحر ساعة الشروق، بصفحات مائه اللامعة، قطرات الماء تتلألأ وهي تعانق وجه الشمس التي تسطع من خلف مسافات ممتدة من ذاك البحر الواس...